الآية رقم (20) - ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ

هذه نعمةٌ أخرى يمتنّ بها الله سبحانه وتعالى على الإنسان بعد نعمة الخلق والإيجاد من عدمٍ، فبعد أن أوجده ربّه سبحانه وتعالى من نطفةٍ لم يتركه هكذا لا غاية له، إنّما يسّر له السّبيل ليعيش سعة الدّنيا بما أعطاه وبما وفّر له من مقوّمات الحياة بقيّوميّته سبحانه وتعالى، لذلك لا نستطيع أن نستغني أبداً عن عطاءات ربّنا جلَّ جلاله.

ولنلحظ قوله سبحانه وتعالى: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ﴾، ولم يقل: (ثمّ يسّر سبيله)، فهناك فارقٌ كبيرٌ بين التّعبيرين، السّبيل؛ أي الطّريق على عمومه، وإطلاق الطّريق على عمومه ينطوي تحت سبيل الخير وسبيل الشّرّ، فالإنسان مُيسّرٌ لهذا وذاك، وهو صالحٌ للخير وصالحٌ للشّرّ، ورزقه الله سبحانه وتعالى العقل الّذي يميّز به ويرجّح بين البدائل، فاللّسان الّذي يقول: لا إله إلّا الله، مُيسّرٌ أيضاً ليقول -والعياذ بالله-: لا إله، لذلك ورد في الحديث الشّريف: «اعملوا فكلٌّ ميسّرٌ لما خُلِقَ له»([1])، ليس لأحدٍ عذرٌ بعد ذلك في مخالفة منهج الله سبحانه وتعالى ؛ لأنّه عزَّ وجل يسّر السّبيل، أمّا لو قال: (يسّر سبيله)، لكان لكلّ إنسانٍ منّا سبيله الخاصّ به، ولو فعل شرّاً فله أن يقول: هذا سبيلي الّذي يسّره الله سبحانه وتعالى لي، إذاً فنحن ميسّرون للأعمال كلّها ومُخيّرون فيها، لنا مطلق الحريّة في أن نفعل أو لا نفعل، وهنا مناط التّكليف، وهنا يمكن للإنسان أن يعرف بأنّ الله سبحانه وتعالى يسّر له سبيل الخير وسبيل الشّرّ وأمره بأن يسير في طريق الخير، وبذلك يُحاسب سبحانه وتعالى  الخلائق على خياراتهم.

 


([1]) صحيح البخاريّ: كتاب التّفسير، باب سورة اللّيل، الحديث رقم (4666).

ثُمَّ: حرف عطف

السَّبِيلَ: مفعول به لفعل محذوف يفسره المذكور بعده

يَسَّرَهُ: مضارع ومفعوله والفاعل مستتر والجملة معطوفة على ما قبلها.

 

ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ: أي سهّل له مخرجه من بطن أمه، وهو كناية، أو سهل له طريق الخير والشر.