الآية رقم (8) - ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا

يبَرِّئ نوح عليه السلام ساحته من أن يكون قد قصّر في دعوته لقومه، أو أنّه فرّط فيما أمره الله تعالى به، فمع إعراضهم عن نوح عليه السلام وجَعْلِهم أصابعهم في آذانهم حتّى لا يسمعوه، واستغشائهم ثيابهم حتّى لا يروه، وليس هذا فقط، بل: ﴿وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا﴾، مع هذا لم ييأس نوحٌ عليه السلام واستمرّ في دعوتهم، فيقول:

﴿ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا﴾: أي: إنّني بعد ذلك دعوتهم جهراً في أسواقهم وطرقهم، ولم أخشَ سُخريّتهم بي، ولا اعتداءهم عليّ.

﴿جِهَارًا﴾: مجاهراً بدعوتي بأعلى صوتي لا أُخفضه ولا أُخافت به، بل ظاهراً في غير خفاء، فالجهار: الكلام الـمُعلَن به، فصرخ بهم داعياً لهم، وصاح بإنذارهم، فقد دعاهم علانيةً من غير خُفية، بل أظهر لهم الدّعوة.