﴿تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَتُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾: تربط الآية بين الإيمان بالله عز وجلَّ والجهاد في سبيله سبحانه وتعالى، فالجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى ضمان للمؤمن أن يظلّ المنهج الّذي آمن به موصولاً إلى أن تقوم السّاعة، وذلك لا يتأتّى إلّا بإشاعة المنهج في العالم كلّه، والنّفس المؤمنة إذا وقفت نفسها على أن تجاهد في سبيل الله عز وجلَّ كان عندها شيء من الإيثار الإيمانيّ، ومن المعلوم أنّ الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى هو الدّفاع عن الأوطان والبلاد والعباد، وعن العرض والمقدّسات، ويجب أن نعلم أنّ حركة الحياة كلّها جهاد، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾[الفرقان: من الآية 52]، بالعلم والقرآن الكريم، وإيّانا أن نقصر فكرة الجهاد كما فعل بعضهم على ساحة المعركة، فقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَتُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ يصنع أمّة إيمانيّة متحضّرة، والجهاد القتاليّ هو لونٌ من أنواع الجهاد، وما أُذِن لنا إلّا عندما ظُلمنا، قال جلّ جلاله: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾[الحجّ]، فما واجهنا أحداً عبر تاريخنا إلّا نتيجة العدوان ومنع حرّيّة اختيار النّاس، لذلك قال تعالى:
﴿وَتُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِكُمۡ وَأَنفُسِكُمۡۚ﴾: والمال على الحقيقة ليس مالنا، وإنّما نحن مستخلفون فيه، منتفعون به، كذلك الأنفس على الحقيقة هي موهوبة لنا من الله سبحانه وتعالى، فلا نضنّ بها في طريق الحقّ سبحانه وتعالى.
﴿ذَٰلِكُمۡ خَيۡر لَّكُمۡ﴾: هذا هو الخير بأن تجاهد في سبيل الله سبحانه وتعالى بالمال والنّفس، وهذا خير لكم من الدّنيا وما فيها، وخير لكم ممّا تجمعون.
وكلمة: ﴿خَيۡر﴾ هنا تشمل خيراً في الدّنيا وخيراً في الآخرة، والله سبحانه وتعالى يضاعف للمؤمنين الخير ليكون خيراً دائماً في الدّنيا والآخرة.
﴿إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾: أي: إن كنتم تتيقّنون من قضيّة نسبيّة واقعة تستطيعون أن تدلّلوا عليها، ذلك أنّ المجاهد الّذي يجاهد بماله ونفسه يكون قد اقتنع بيقين أنّه سوف يحصل من الجهاد على ما هو خير من المال والنّفس.