وهنا أمرٌ عامٌّ للمؤمنين كلّهم: انفروا بالاتّجاهات كلّها نصرةً لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وبعد ذلك يأتي التّخصيص بأنّه ليس على المريض حرجٌ ولا على الأعمى حرجٌ ولا على الأعرج حرجٌ.
(ذَٰلِكُمْ): ذا: اسم إشارة، اللّام: للبعد، والكاف: للخطاب، ذلكم؛ أي النّفرة والجهاد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالأموال والأنفس.
(خَيْرٌ لَّكُمْ): هو خيرٌ من القعود والبقاء في المدينة المنوّرة وعدم نصرة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وكلمة (خَيْرٌ) في اللّغة العربيّة إمّا أن تكون صيغة تفضيل؛ أي خيرٌ من، أو المراد بها الخير المطلق، فعندما يوجد خير ويوجد أخيَر فلا يُقال باللّغة العربيّة: (أخيَر)، وإنّما يُقال: خيرٌ من.
(إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ): صحيحٌ في ظاهر الأمر أنّ الخروج لتبوك مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو العنت والمشقّة والتّعب، ولكنّ الله سبحانه وتعالى يبيّن بأنّ هذا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون، فأنتم لا تعلمون إلّا ظاهراً من الحياة الدّنيا، وتقيسون في المقاييس الّتي على وِفق المساحة الّتي يمكن لعقلكم البشريّ أن يحسب فيها، وهذه المساحة مهما امتدّت فإنّها لا يمكن أن تتجاوز الحياة الدّنيا.