الآية رقم (5) - الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ

الآيات السّابقة كانت تتحدّث عن المحرّمات التي منعها الله سبحانه وتعالى عن المسلمين من الطّعام، وهنا ختام هذه الآيات يقول المولى سبحانه وتعالى:

﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾: أي منذ هذا التّاريخ أحلّ لكم الطّيّبات، وكلّ ما حلّله الله تبارك وتعالى طيّبٌ، وكما قلنا: إنّ الحلال واسعٌ والحرام ضيّقٌ، والقاعدة الفقهيّة تقول: الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد نصٌّ بالتّحريم.

﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ﴾: الّذين أوتوا الكتاب لهم صلةٌ بالسّماء فنحن نأكل من طعامهم، ويأكلون من طعامنا، ما لم يكن هناك تحريمٌ من قِبَل الإسلام بالنّسبة لنا، كلحم الخنزير أو غير ذلك فيما ورد فيه نصٌّ بالتّحريم، هذا هو التّعاضد الإيمانيّ، وهذا هو الاتّصال بمن لهم صلةٌ بالسّماء، وإيّاك أن تقاطع أهل الكتاب وتقول: لا آكل من طعامهم، بل كلّ ما هو حلالٌ لنا في طعامهم نأكله، وهذه دعوةٌ إلى العلاقة المتميّزة بين المسلمين وبين أهل الدّيانات السّماويّة بشكلٍ عامّ؛ٍ لأنّها من مشكاةٍ واحدةٍ، ومن ربٍّ واحدٍ، قال سبحانه وتعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ﴾ [الشّورى]، ولا يجوز في أيّ حالٍ من الأحوال أن يكون الدّين سبباً في البغضاء والشّحناء والتّفرقة والتّمزّق، وأهل الرّسالات السّماويّة هم أولى النّاس بالمحافظة على العلاقات الّتي تبني الأسس السّليمة للأخوّة الإيمانيّة، ومن ضمنها يكون العمل الوطنيّ والمواطنة والّتي فيها مساواةٌ بالحقوق والواجبات بين المسلم والمسيحيّ.

الْيَوْمَ: ظرف زمان متعلق بأحل

أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ: تقدم إعرابها

وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ: وطعام مبتدأ مرفوع واسم الموصول الذين في محل جر بالإضافة أوتوا فعل ماض مبني للمجهول والواو نائب فاعله وهو المفعول الأول والكتاب المفعول الثاني والجملة صلة الموصول.

حِلٌّ لَكُمْ: خبر تعلق به الجار والمجرور بعده

وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ: مبتدأ وخبر والجملة معطوفة

وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من المبتدأ المحصنات وخبره محذوف تقديره حلال والجملة معطوفة.

وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ: من الذين متعلقان بمحذوف حال من المحصنات

مِنْ قَبْلِكُمْ: متعلقان بمحذوف حال.

إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ: فعل ماض والتاء فاعله والهاء مفعوله الأول والجملة في محل جر بالإضافة وليت ظرف الزمان إذا وهو متعلق بالخبر المحذوف

أُجُورَهُنَّ: مفعول به ثان

مُحْصِنِينَ: حال منصوبة ومثلها «غَيْرَ» و «مُسافِحِينَ» مضاف إليه

وَلا مُتَّخِذِي: عطف على مسافحين مجرور مثله

أَخْدانٍ: مضاف إليه.

وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ: اسم الشرط من في محل رفع مبتدأ وجملة فقد حبط عمله في محل جزم جواب الشرط، وفعل الشرط وجوابه خبر المبتدأ من

جملة «وَمَنْ يَكْفُرْ» استئنافية.

وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ: من الخاسرين متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ هو وفي الآخرة متعلقان بمحذوف حال من الخاسرين والجملة في محل نصب حال.

وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ: أي ذبائح اليهود والنصارى.

أُحِلَّ: حلال.

وَالْمُحْصَناتُ: هنا الحرائر، وقيل: العفيفات عن الزنى.

أُجُورَهُنَّ: مهورهنّ.

مُحْصِنِينَ: أعفاء عن الزنى.

غَيْرَ مُسافِحِينَ: معلنين بالزنى بهنّ أو مجاهرين بالزنى. مُتَّخِذِي أَخْدانٍ مسرّين بالزنى، والخدن: الصديق ذكرا أو أنثى. وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ أي يرتدّ. فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ الصالح قبل ذلك، فلا يعتدّ به ولا يثاب عليه، والمعنى: بطل ثواب عمله. مِنَ الْخاسِرِينَ إذا مات عليه.