الآية رقم (67) - الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

(الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ۚ): بعضهم من بعضٍ في الخسّة والقبح والكذب والافتراء والتّدليس والخيانة، هذه صفات المنافقين.

(يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ): أوّل ما أنكرته الفطر السّليمة هو عدم الإيمان بالله سبحانه وتعالى، وترك الاستقامة والقيم الأخلاقيّة، فلذلك هم يأمرون بالمنكر الّذي هو نقضٌ لـما تعارفت عليه الفطر السّليمة والمجتمعات الإنسانيّة من قيمٍ ومسلّماتٍ أخلاقيّةٍ ووطنيّةٍ ودينيّةٍ.

(وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ): المعروف: هو ما تعارف عليه النّاس وتوافقوا عليه وقبلوه وارتضوه من عقيدةٍ ودينٍ وعلاقاتٍ وشؤونٍ تتعلّق بطبيعة حياة البشر.

(وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ۚ): قبض اليد كناية عن البخل؛ أي أنّهم لا ينفقون في سبيل الله سبحانه وتعالى، فالمنافق ينظر إلى الدّنيا ولا ينظر إلى الآخرة، وينظر إلى العبد ولا ينظر إلى الرّبّ، فلذلك لا يمكن إلّا أن تكون يده مقبوضةً ولا يمكن أن يكون مصدر خيرٍ للغير، ولو كان هذا المصدر هو المصدر الماليّ أو العطاء والإنفاق في سبيل الله سبحانه وتعالى.

(نَسُوا اللَّهَ): الله سبحانه وتعالى لا يُنسى لكنّهم نسوا أوامره.

(فَنَسِيَهُمْ): الله سبحانه وتعالى لا ينسى، لكنّه نزع عنهم رحمته؛ أي منع رحمته عنهم.

(إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ): المنافق هو الفاسق، والفاسق هو الخارج عن طاعة الله سبحانه وتعالى وعن أوامره.

الْمُنافِقُون: مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم.

وَالْمُنافِقاتُ: اسم معطوف.

بَعْضُهُمْ: مبتدأ ثان.

مِنْ بَعْضٍ: متعلقان بمحذوف خبره. والجملة الاسمية بعضهم من بعض في محل رفع خبر المبتدأ المنافقون.

(المنافقون بعضهم من بعض): استئنافية لا محل لها.

يَأْمُرُونَ: مضارع وفاعل.

بِالْمُنْكَرِ: متعلقان بالفعل والجملة في محل نصب حال، وكذلك ما بعدها من الجمل..

فَنَسِيَهُمْ: معطوفة.

إِنَّ الْمُنافِقِينَ: إنَّ واسمها.

هُمُ: ضمير رفع مبتدأ.

الْفاسِقُونَ: خبره

(هم الفاسقون): في محل رفع خبر إنَّ.

(إنَّ المنافقين): تعليلية لا محل لها.

بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ: أي متشابهون في صفة النفاق والبعد عن الإيمان كأبعاض الشيء الواحد كما يقال: أنت مني وأنا منك، أي أمرنا واحد لا مباينة فيه. وقال الزمخشري: المراد به نفي أن يكونوا من المؤمنين وتكذيبهم في حلفهم بالله: إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ، وتقرير لقوله: (وَما هُمْ مِنْكُمْ) [التوبة 9/ 56] وما بعده كالدليل عليه، فإنه يدل على مضادّة حالهم لحال المؤمنين، وهو قوله:(يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ) أي بالكفر والمعاصي. والمنكر: إما شرعي: وهو ما يستقبحه الشرع ويمنعه، وإما عقلي: وهو ما تستنكره العقول السليمة والفطر النقية، لمنافاته الأخلاق والمصالح العامة. وضده المعروف.

وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ: أي الإيمان والطاعة، والمعروف: كل ما أمر به الشرع، أو استحسنه العقل والعرف الصحيح غير المصادم للشرائع والأخلاق.

وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ: عن الإنفاق في الطاعة، ويراد به الكف عن البذل فيما يرضي الله، وضده: بسط اليد

نَسُوا اللَّهَ: تركوا طاعته وأوامره حتى صارت بمنزلة المنسيّ

فَنَسِيَهُمْ: فتركهم من فضله ولطفه ورحمته، وجازاهم على نسيانهم وإغفالهم ذكر الله

الْفاسِقُونَ: الخارجون عن الطاعة، المنسلخون عن أصول الإيمان، الكاملون في التمرد والتنكر للخير.