الآية رقم (37) - الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا

الآيات السّابقة الّتي فسّرناها تتعلّق ببناء المجتمع، وبحركة الإنسان في المجتمع، وبالقيّوميَّة الّتي يجب أن يعيش فيها الإنسان بالمجتمع، وعبادة ربّه، والإحسان للوالدين ولذي القربى واليتامى والمساكين والجيران الأباعد والجيران الأقارب وابن السّبيل ومِلك اليمين، بعد هذه العلاقة الاجتماعيّة الإنسانيّة هناك أمرٌ مهمٌّ يحرّك ويؤثّر سلباً أو إيجاباً على هذه العلاقة، وهو الأمر الأخطر الّذي يؤثّر على علاقة الإنسان بوالديه أو إخوته أو أشقّائه أو صلة رحمه أو جيرانه أو مجتمعه، إنّه المال، لذلك يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ [الأنفال]، والفتنة هي الاختبار، ﴿وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَّمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا﴾ [الفجر]، لا بدّ من معالجة هذه النّزعة في الإنسان، هذه المعالجة تكون بأوامر الله سبحانه وتعالى.

﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾: تعريف البخل: هو مشقّة العطاء، أنت تجد مشقّةً في العطاء فتكون بخيلاً، تحرص على المال؛ لأنّك لا تؤمن بالله سبحانه وتعالى الّذي قال لك: ﴿مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾ [البقرة: من الآية 245]، فهو يضاعف؛ لأنّك تتعامل مع الله سبحانه وتعالى ولا تتعامل مع الفقير، لذلك أقسم النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قائلاً: «ثَلاثَةٌ أقْسِمُ عَلَيْهِنَّ: مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ فَتَصَدَّقُوا»([1])، كيف يا سيّدنا يا رسول الله ما نقص المال؟ المال نخرج منه اثنين ونصف بالمئة، فإذاً هو ينقص، لا، إذا نظرت أنّك تتعامل بهذا المال مع الفقير فقد نقَص، أمّا إن كنت تتعامل مع الله تعالى فإنّه يتضاعف أضعافاً مضاعفةً

الَّذِينَ يَبْخَلُونَ: الذين اسم موصول في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هم الذين وقيل بدل من من كان وقيل مبتدأ وخبره محذوف أو مفعول به لفعل محذوف: أذم الذين وجملة يبخلون صلته

وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ: فعل مضارع وفاعله ومفعوله والجار والمجرور متعلقان به

وَيَكْتُمُونَ ما: فعل مضارع والواو فاعله واسم الموصول مفعوله والجملتان معطوفتان.

آتاهُمُ اللَّهُ: فعل ماض ومفعوله ولفظ الجلالة فاعله

مِنْ فَضْلِهِ: متعلقان بآتاهم أو بحال من المفعول الثاني المحذوف «وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً» فعل ماض تعلق به الجار والمجرور ونا فاعله وعذابا مفعوله مهينا صفة والجملة مستأنفة.

أَعْتَدْنا: هيأنا وأعددنا.

مُهِيناً: ذا إهانة وذلّ.