الآية رقم (21) - اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ

﴿ اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا﴾: يعني لم يطلبوا منكم أجراً على دعوتهم، وهذا لا يُقال إلّا إذا كان العمل الّذي قام به يحتاج إلى أجرٍ، والرّسول ما جاء إلّا لينفع المرسَل إليهم، فهو منطقيّاً يحتاج إلى أجرٍ، لكن مَنْ يستطيع أنْ يوفيه أجره؟ لا أحد يوفيه أجره إلّا الله سبحانه وتعالى؛ لأنّ نَفْع الرّسول يتعدَّى نفْع الدّنيا إلى نفع الآخرة، فمَنْ من البشر يعطي الرّسول ما يستحقّه؟ لذلك رأينا الرّسل عليهم السلام جميعاً يقولون هذه الكلمة: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾ [يونس: من الآية 72]، يعني: أنتم أيّها القوم لا تملكون مقدار أجري، ولا تقدرون على تقييمه، إنّما يعطيني أجري الّذي أعمل من أجله.

رسل الله عليهم السلام كلّهم قالوا هذه الكلمة إلّا رسولين، هما: سيّدنا إبراهيم، وسيّدنا موسى عليهما السّلام؛ لأنّ إبراهيم عليه السلام كانت أوّل دعوته لأبيه آزر، فهناك واجبٌ تجاه الأب، ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً﴾[الأنعام: من الآية 74]، لذلك لم يقل: ﴿إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ﴾، فالواجب أوّلاً أن تدعو أباك، فهذا جزء من واجبه عليه السلام تجاه والده أو عمّه، وكذلك سيّدنا موسى عليه السلام أوّل ما دَعا دَعا فرعون الّذي ربَّاه في بيته، وله فَضْلٌ عليه، وله حقّ عليه أن يدعوه.

«اتَّبِعُوا» أمر وفاعله والجملة مقول القول

«مَنْ» اسم موصول مفعول به

«لا» نافية

«يَسْئَلُكُمْ» مضارع والكاف مفعوله

«أَجْراً» مفعول به ثان والفاعل هو والجملة صلة لا محل لها من الإعراب

«وَهُمْ مُهْتَدُونَ» الواو حالية ومبتدأ وخبر والجملة حالية