الآية رقم (149) - إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا

قد بيّن فوراً قضيّة العفو، ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: من الآية 134]، فالله سبحانه وتعالى لا يحبّ الجهر بالسّوء من القول ومع أنّه أباح ذلك لمن ظُلم حصراً، لكنّه طلب الإحسان، وبيّن بأنّه يحبّه ويحبّ العفو من قِبل الإنسان.

﴿إِن تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ﴾: الظّاهر والخفي هو من الأغيار، ويكون للبشر الّذين يتغيّرون ويتبدّلون وتتبدّل أحوالهم، أمّا على الله سبحانه وتعالى فلا يوجد ما هو ظاهرٌ ولا يوجد ما هو خافٍ، وهو سبحانه وتعالى يعلم السّرّ وأخفى، وهو عليمٌ بما في الصّدور.

﴿أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ حبّب الله سبحانه وتعالى إلينا العفو وجعله هو المطلوب، لكن عند القدرة وليس عند المذلّة، فجاء تذييل الآية بالقدرة مع العفو، فعندما يكون الإنسان قادراً على العفو فذلك أقرب للتّقوى، والإسلام دين لطفٍ لا عنفٍ، دينٌ يُطالب بالعفو. وقضيّة العفو لم تكن موجودةً في تاريخ البشريّة قبل النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فالنّزاعات والحروب بين البشر كالفرس والرّوم والقبائل العربيّة كانت تبقى حتّى الإبادة أو أخذ السّبي والعبيد، ولكن عندما جاء الإسلام قال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «اذهبوا فأنتم الطّلقاء»([1])، وعفا عن الجميع استجابةً لأمر الله سبحانه وتعالى.

 


([1]) سنن البيهقيّ الكبرى: كتاب السّير، باب فتح مكّة حرسها الله تعالى، الحديث رقم (18055).

إِنْ تُبْدُوا خَيْراً: تبدوا فعل الشرط مجزوم بحذف النون والواو فاعله خيرا مفعوله

أَوْ تُخْفُوهُ، أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ: عطف وجواب الشرط محذوف تقديره: فالله يعلمه

جملة «فَإِنَّ اللَّهَ» تعليلية لا محل لها.

كانَ عَفُوًّا قَدِيراً: سبق اعرابها.

تُبْدُوا.. أَوْ تُخْفُوهُ طباق.