الآية رقم (120) - إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ

﴿إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا﴾: بمجرد أن تأتيكم نعمة بسيطة يغتاظون منها، فهم لا يريدون لكم الخير على الإطلاق، أمّا إذا أصابتكم سيّئة، فإنّهم لا يريدون أن تلمّ بكم بل يريدون إصابة مباشرة من هذه السّيّئة؛ ليفرحوا بها، وهم إنّما يفرحون حين يتأكّدون أنّ السّيّئة قد نزلت بكم في الصّميم، انظروا إلى دقّة الأداء القرآنيّ.

﴿وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ: هذا قانون إلهيّ، وقد قدّم الله سبحانه وتعالىالصّبر على التّقوى، فالضّرر لن يقع إذا أنت تسلّحت بالسّلاحين معاً؛ لأنّ الصّبر على ما أصابك هو جزء من إيمانك، فإن لم تهلع ولم تجزع وصبرت فقد انتصرت، و«الصّبر نصف الإيمان»([1]) كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم ، لذلك قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة]، قال: ﴿الصَّابِرِينَ، ولم يقل (المتّقين).

﴿لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا: مهما كادوا لكم ومهما مكروا فلن يضرّوكم، فهم لا يعرفون أنّ الله سبحانه وتعالىأدخل المؤمنين في معيّته، وعندما قال قوم سيّدنا موسى له: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ[الشّعراء: من الآية 61]، كان جوابه: ﴿قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ[الشّعراء].

 


([1]) مسند الشّهاب: الصّبر نصف الإيمان واليقين الإيمان كلّه، الحديث رقم (158).

إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ: إن الشرطية والفعل المضارع فعل الشرط ومفعوله وفاعله والجملة ابتدائية تسؤهم مضارع مجزوم جواب الشرط وفاعله مستتر والهاء مفعوله

وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها: معطوفة على ما قبلها وهي مثلها

وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا: إن الشرطية والفعل المضارع فعل الشرط والواو فاعله وتتقوا عطف على تصبروا

لا يَضُرُّكُمْ: لا نافية يضركم فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الشرط وحرك بالضم لاتباع حركة الضاد لأنه فعل مضعف والكاف مفعوله

كَيْدُهُمْ: فاعله

شَيْئاً: نائب مفعول مطلق

جملة «تَسُؤْهُمْ» لا محل لها لم تقترن بالفاء والجمل التي بعدها معطوفة عليها.

إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ: إن ولفظ الجلالة اسمها ومحيط خبرها وجملة يعملون صلة الموصول والجار والمجرور بما متعلقان بمحيط.

إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ: إن تصبكم نعمة كنصر وغنيمة

تَسُؤْهُمْ: تحزنهم

وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ: كهزيمة وجدب، يفرحوا بها، وعبر أولاً بالمس إشارة إلى أن الحسنة تسوء الأعداء، ولو كانت بأيسر الأشياء

وعبر ثانياً بالإصابة إشارة إلى أنَّ السيئة تفرح الأعداء مهما كانت كبيرة وخطيرة.

الحسنة: المنفعة المادية أو المعنوية مثل صحة البدن والفوز بالغنيمة، وانتشار الإسلام، وتألف المسلمين.

السيئة: الفقر والهزيمة والتفرقة.

وَإِنْ تَصْبِرُوا: على أذاهم

وَتَتَّقُوا: الله في موالاتهم وغيرها

لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً: لا يؤثر عليكم احتيالهم، للإيقاع في المكروه

إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ: عالم، فيجازيهم به، مثل قوله تعالى: (وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ) وقوله:(وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ).