﴿لآيَاتٍ﴾: دلائل وبيّنات واضحات.
﴿وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ﴾: أي ما بين تعاقب اللّيل والنّهار، والظّلمة والسّكن في اللّيل والحركة والنّور في النّهار، إذا نظر الإنسان إلى خلق الله وتأمّل في حركة الشّمس والقمر، وتعاقب اللّيل والنّهار، وما في السّماوات وما في الأرض، فإنّ العقل لا بدّ أن يدلّ صاحبه على خالق هذا الكون، فلا يمكن للإنسان أن يعتقد من النّاحية العقليّة أنّ فعلاً يحدث من دون فاعل، فنحن نتحدّث الآن ليس فقط من النّاحية الإيمانيّة ولكن من النّاحية العقليّة، هب أنّك كنت في صحراء وانقطعت ولا يوجد لديك ماء ولا طعام، وبينما أنت جالس، وإذ بمائدة عليها أطايب الطّعام والماء البارد، فأوّل ما تفكّر به مَن الّذي قدّم لك هذه المائدة؟ وكيف وُجِدت هذه المائدة؟ فكيف بالإنسان يرى صباحاً ومساءً الشّمس والقمر والهواء والماء والغيوم ويرى الأرض والمجرّات ويرى كلّ ما يراه من آيات تدلّ على وجود الله ثمّ يقول: إنّها وُجِدت مصادفة، فإذا كنت في مدرسة وكان هناك مجموعة من الطّلّاب ووجد الأستاذ محفظة فيها مال فأخذ المحفظة وسأل الطلّاب: لمن هذه المحفظة؟ فقام طالب وقال: هذه لي، إذاً أصبحت ملكه حتّى ينازعه أحد ويقول: هذه لي، هذا في الأمر البشريّ البسيط، وأنت ترى السّماوات والأرض وترى ما أعدّ لك من ماء ومن هواء ومن أرض ومن نبات ومن زراعة ومن حيوان ومن كلّ مقوّمات الحياة ومن الشّمس ومن القمر ومن تعاقب اللّيل والنّهار ثمّ تقول: ليس لها مَن أوجدها، هذا القول لا يستقيم عقليّاً، فإذا تكلّم العقل فإنّه يقول: لا بدّ من وجود خالق لكلّ هذا، ونعلم أنّه لم ينازعه في الـمُلك أحد، فإذاً هذا من النّاحية العقليّة، فكلّ مناقشة مع الملحدين حول وجود الله سبحانه وتعالىتأخذ الجانب العقليّ، فهذا النّظام الكونيّ المتقن لا يمكن أن يوجد مصادفة، وعندما نقول إنّه لا يوجد تعارض بين العقل والنّقل لماذا؟ لأنّ النّقل، وهو القرآن الكريم وما صحّ عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، إنّما جاء بالعلم، وأوّل الآيات الّتي نزلت: ﴿اقۡرَأۡ وَرَبُّكَ الۡأَكۡرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالۡقَلَمِ (4) عَلَّمَ الۡإِنسَـٰـنَ مَا لَمۡ يَعۡلَمۡ﴾ [العلق]، وجاء القرآن الكريم وجاءت الرّسالات السّماويّة بعمومها لتبيّن للنّاس حقيقة هذا الخلق، وأنّ الله تعالى هو الخالق.