الآية رقم (142) - إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً

يعتقد المنافقون أنّهم يخادعون الله سبحانه وتعالى، وهو خادعهم، هنا استخدم المشاكلة اللّفظيّة، لذلك لا نقول: إنّ الله سبحانه وتعالى خدّاع، لا يسمّى المولى سبحانه وتعالى إلّا بالأسماء الّتي سمّى بها نفسه، كما قال جلَّ جلاله: ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال: من الآية 30]، فلا تقلْ: إنّ اسماً من أسماء الله سبحانه وتعالى الماكر أو المخادع، هذه باللّغة من جنس المشاكلة اللفظيّة، والمخادعة هي التّبييت بخفاءٍ مع كذبٍ؛ فالمنافقون يخادعون الله سبحانه وتعالى أي يبيّتون بالخفاء ويكذبون، والله سبحانه وتعالى خادعهم أي يبطل تبيّيتهم.

﴿وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى﴾؛ لأنّهم في الأصل لا يهمّهم إلّا الأشكال، أن يُقال عنهم: إنّهم من المسلمين، وهم ليسوا من المؤمنين، يقومون إلى الصّلاة كسالى؛ لأنّهم لا يفهمون معنى الصّلاة بأنّها صلةٌ مع الخالق، وأخلاقٌ مع الخلق، وقد كان النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول عن الصّلاة: «يا بلال، أقم الصّلاة، أرحنا بها»([1])، أمّا هؤلاء فيقولون: أرحنا منها يا بلال.

إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ: إن واسمها والجملة الفعلية بعدها خبرها

وَهُوَ خادِعُهُمْ: مبتدأ وخبر والجملة في محل نصب حال

«وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى»: جملة قاموا الأولى في محل جر بالإضافة لأنها وليت إذا وجملة قاموا الثانية لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم كسالى حال منصوبة بالفتحة المقدرة

يُراؤُنَ النَّاسَ: فعل مضارع وفاعل ومفعول به والجملة في محل نصب حال

وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا: عطف على ما قبله قليلا مفعول مطلق وإلا أداة حصر.

يُخادِعُونَ اللَّهَ: بإظهار خلاف ما أبطنوه من الكفر، فيدفعوا عنهم أحكامه الدنيوية.

من الخداع: وهو إيهام غيرك خلاف حقيقة الشيء.

وَهُوَ خادِعُهُمْ: مجازيهم على خداعهم، فيفتضحون في الدنيا باطلاع الله نبيه على ما أبطنوه، ويعاقبون في الآخرة.

كُسالى: جمع كسلان وهو المتثاقل المتباطئ.

يُراؤُنَ النَّاسَ: بصلاتهم، أي يقصدون بعملهم الظهور للناس ليحمدوهم عليه، وهم في داخلهم غير مقتنعين بما يعملون.

وَلا يَذْكُرُونَ: أي ولا يصلون.

إِلَّا قَلِيلًا: أي رياء.