الآية رقم (206) - إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ

﴿إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ﴾: قد يسأل سائل: هل يوجد عنديّة عند الله؟ عنديّةٌ: أي هناك مكان وحيّز، فكيف تصحّ الألوهيّة؟ فالله سبحانه وتعالى خارج الزّمان والمكان ولا يوجد حيّز، الجواب: إنّ هذه العنديّة هي عنديّة الرّحمة والـمُلك والعناية من الله سبحانه وتعالى وليست عنديّة المكان، فإذاً الملائكة عند ربّك أي أنّهم يغشاهم الله سبحانه وتعالى  بمُلكه وعنايته، وهؤلاء الملائكة ليس لهم أيّ عملٍ إلّا التّسبيح والسّجود، والسّجود هو خضوع لله سبحانه وتعالى.

وهذه الآية فيها سجدةٌ اسمها سجدة التّلاوة، وفي القرآن الكريم خمس عشرة سجدة، وسجود التّلاوة يكون بأن تكبّر ثمّ تسجد مباشرةً وتقول: (سبحان ربّي الأعلى)، ثلاث مرّات، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: رأيتني اللّيلة وأنا نائمٌ كأنّي كنت أصلّي خلف شجرةٍ، فسجدت الشّجرة لسجودي وسمعتها وهي تقول: اللّهمّ اكتب لي بها عندك أجراً، وضع عنّي بها وزراً، واجعلها لي عندك ذخراً، وتقبّلها منّي كما تقبّلتها من عبدك داوود، قال ابن عبّاس: فقرأ النّبيّ : سجدةً ثمّ سجد، قال ابن عبّاس: فسمعته وهو يقول مثل ما أخبر الرّجل من قول الشّجرة([1])، هنا المولى سبحانه وتعالى  يتحدّث عن سجود وعن تسبيح

«إِنَّ» حرف مشبه بالفعل «الَّذِينَ» اسم موصول في محل نصب اسم إن. «عِنْدَ» ظرف مكان متعلق بمحذوف صلة الموصول: الذين قرّبوا «عِنْدَ» ظرف مكان. «رَبِّكَ» مضاف إليه والكاف في محل جر بالإضافة، والجملة الاسمية استئنافية وجملة «لا يَسْتَكْبِرُونَ» الفعلية في محل رفع خبر إن. «عَنْ عِبادَتِهِ» متعلقان بالفعل، وجملة «يُسَبِّحُونَهُ» معطوفة. «وَلَهُ يَسْجُدُونَ» مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعله وتعلق بالفعل الجار والمجرور قبله والجملة معطوفة.

إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ: أي الملائكة.

لا يَسْتَكْبِرُونَ: لا يتكبّرون عن عبادة الله.

وَيُسَبِّحُونَهُ: ينزّهونه عما لا يليق به.

وَلَهُ يَسْجُدُونَ: أي يصلّون لله ويخصّونه بالخضوع والعبادة.