(أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) الله سبحانه وتعالى عندما يتحدّث عن الرّحمة يذيّل بالمغفرة، وأنّ من صفاته الغفور الرّحيم، واسم الله سبحانه وتعالى اسم الجلالة الأعظم هو الله وأسماء الله الحسنى وصفاته كثيرة، جاء في الحديث: «إنّ لله تسعة وتسعين اسماً، مئة إلّا واحداً، من أحصاها دخل الجنّة»([2])، إذاً فهناك تسعة وتسعين اسماً، لكنّ الله سبحانه وتعالى ابتدأها باسمه الرّحمن الرّحيم في البسملة، ولم تخل سورة من السّور في البداية من بسم الله الرحمن الرّحيم إلّا سورة (التّوبة)، وهي مئة وأربع عشرة سورة، ولكن ورد في سورة (النّمل): (إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ) [النّمل]، فصارت على عدد سور القرآن الكريم، الرّحمن الرّحيم؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى رحمن الدّنيا ورحيم الآخرة، رحمن الدّنيا أي أنّ رحمته تسع كلّ خلقه المؤمن والكافر والطّائع والعاصي، ورحيم في الآخرة، ورحمة الآخرة دخول الجنّة، ومتعلَّق الرّحمة يختلف بين الرّحمن وبين الرّحيم، وصفات الله لا تنقص ولا تزداد، وإنّما يزداد المتعلّق بها، فالجميع في الدّنيا يتعرّضون لنفحات الله، المطر ينزل على المؤمنين وعلى غير المؤمنين، والرّزق للمؤمن وللكافر، والصّحّة للمؤمن وللكافر، والمال للمؤمن وللكافر، والسّلطان على المؤمن وعلى الكافر، أمّا في الآخرة فلا يمكن أن يدخل المؤمن والكافر الجنّة معاً، لذلك تفترق صفتا الرّحمن والرّحيم في الآخرة، تذيّل آيات الرّحمة بأنّ الله غفور يغفر الذّنوب لكن هذه المغفرة من جرّاء أنّه رحمن رحيم.