لماذا ضرب الله سبحانه وتعالى مثل البعوضة، ولـم يذكر الفيل وهو أكبر الحيوانات وأعظمها؟! وهم استصغروا البعوضة؛ لأنّ عقلهم البشريّ في ذلك الوقت لم يدرك أهميّة ضرب المثل بها، أمّا الصّحابة فقد كانوا يتلقّون القرآن كما يتلوه عليهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ويؤمنون به؛ لأنّه من عند الله عزَّ وجل أمّا أهل الكفر فقد كانوا يجادلون ويتساءلون عن غير فهم.
وكلّما تقدّم العلم صغرت الأشياء ودقّت المخترعات أكثر، فعندما اختُرعت السّاعة على سبيل المثال كانت ضخمة، وحين تطوّر العلم صغرت وصغرت؛ لأنّهم استطاعوا أن يضعوا أعقد الأجهزة في مساحة صغيرة.
والبعوضة فيها من الأجهزة الدّقيقة ما يعجز عنه أهل الأرض جميعاً من حيث الدّورة الدّمويّة، والإبرة الّتي تحقن وتجعل الدّم ينزف ثم تقوم بتحليل الدّم، وكيفيّة الجهاز التّناسليّ عندها، وكذلك الجهاز الهضميّ، فهي من أدقّ المخلوقات، ولذلك ضُرب المثل بها.
وإلى الآن يكتشف العلم اكتشافات هامّة تتعلّق بالبعوضة فقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾ أي ما هو أقلّ وأدقّ منها، وليس أعلى منها.
﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ﴾؛ لأنّ المؤمن يعرف أنّ الله سبحانه وتعالى له حكمة في كلّ شيء.
﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ﴾ والفاسق هو الّذي ينفصل عن منهج الله ويتركه، نقول: فسقت الرّطبة، أي الثّمرة حين تنفصل عن قشرتها بسهولة، وكذلك الّذي يترك منهج الله هو فاسق.