الآية رقم (95) - إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ

﴿وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ﴾: قال: مخرج، ولم يقل: يخرج، هنا يوجد اختلافٌ بين يخرج وبين مخرج، وطالما وجدنا اختلافاً فهناك علّةٌ أو سرٌّ لم يعرفه الّذين فسّروا القرآن الكريم بغير علمٍ، الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ﴾، عندما أراد الله سبحانه وتعالى تصوير إخراج الحيّ من الميت جاء بفعلٍ مضارعٍ، أمّا عندما أراد سبحانه وتعالى تصوير إخراج الميّت من الحيّ استخدم الاسم فقال: ﴿وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ﴾: مخرج مقابل فالق، اسم فاعلٍ، فأنت ترى بعينيك ذلك الإنسان ذو الهمّة والنّشاط والحركة والحياة كيف يموت بعد فترةٍ من الزّمن ويتحوّل إلى كتلة ترابٍ. فالله سبحانه وتعالى استخدم الفعل المضارع؛ لأنّ الفعل يدلّ على المحذوف فقال: ﴿يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ﴾، فأنت لا ترى كيف يخرج الحيّ من الميّت، أمّا عندما قال: ﴿وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ﴾، استخدم الاسم؛ لأنّه يدلّ على الثّبوت، فأنت ترى كيف أنّه عزَّ وجلّ يُخرج الميّت من الحيّ.

﴿ذَلِكُمُ اللّهُ﴾: أي إنّكم عندما ترون عظمة خلق الله سبحانه وتعالى الشّمس والقمر واللّيل والنّهار والسّحاب المسخّر في السّماوات، وعندما ترون الإعجاز وآيات الله سبحانه وتعالى الدّالّة على وجوده تتيقَّنون به جلّ وعلا.

﴿فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾: فأنّى: استفهام استغراب، كيف لكم أن تفتروا وتشكّكوا وتفعلوا كلّ ذلك وأنتم ترون آثار عظمة الله جلَّ جلاله من خلال خلقه ومن خلال ما أوجده سبحانه وتعالى في هذا الكون؟ لا شكّ أنّ هذه الآية عندما نزلت لم تصادم العقل البشريّ، فعندما قُرئت في السّابق لم يكن هناك علم نباتٍ، أمّا الآن عندما تطوّر العقل البشريّ ووجد علم النّبات فقد عُلم بأنّ الشّقّ الّذي يقول الله سبحانه وتعالى عنه: ﴿إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى﴾ هو سبب الحياة؛ لأنّ السّويقة والجذير، الّذي يكون كخيطٍ رفيعٍ يشقّ الأرض، يخرجان منه، وهذا كلّه لم يكن معروفاً.

إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ: إن واسمها وخبرها

الْحَبِّ: مضاف إليه

وَالنَّوى: عطف.

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ: فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور

و الحي: مفعوله والجملة في محل رفع خبر ثان.

وَمُخْرِجُ: عطف على فالق

الْمَيِّتِ: مضاف إليه

مِنَ الْحَيِّ: متعلقان باسم الفاعل مخرج

ذلِكُمُ اللَّهُ: مبتدأ ولفظ الجلالة خبر والجملة مستأنفة

فَأَنَّى: الفاء هي الفصيحة: إذا كان الله هو فالق الحب ومخرج الميت، فكيف تصرفون عن عبادته؟

أنى: اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب حال

تُؤْفَكُونَ: مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعله والجملة لا محل لها، جواب شرط غير جازم أو استئنافية.

فالِقُ: شاق، والفلق والفرق والفتق بمعنى واحد: وهو الشق في الشيء مع الإبانة

الْحَبِّ: الحنطة ونحوها مما يكون في السنبل والأكمام

النَّوى: جمع نواة، وهي بزر التمر والزبيب ونحوهما، والمعنى: إن الله شاق الحب عن النبات والبزر عن النخل والكرمة

يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ: كالإنسان والطائر من النطفة والبيضة

وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ: النطفة والبيضة مِنَ الْحَيِّ.

ذلِكُمُ: الفالق المخرج هو اللَّهَ

فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ: فكيف تصرفون عن الإيمان مع قيام البرهان.