الآية رقم (96) - إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ

وقد يقول قائل: كلّ المساجد في الأرض هي بيوت الله، فما الفرق بينها وبين الكعبة المشرّفة؟

الفرق أنّ الكعبة بيت الله باختياره سبحانه وتعالى، أمّا المساجد فهي بيوت الله من اختيار خلق الله، كأن يتّفق أهل الحيّ أو المعنيّون، فيحيّزون قطعة من الأرض في حيّهم، ويقولون: سنبني عليها مسجداً، أمّا الكعبة فهي البيت الوحيد الّذي لا دخل للبشر في اختياره، وهذا هو الفارق.

﴿وُضِعَ لِلنَّاسِ: وضع هذا البيت لجميع خلق الله بأمر الله واختياره.

فكلمة ناس تشمل كلّ البشر، وآدم عليه السلام أصل هؤلاء النّاس، فالكعبة وُضعت لآدم عليه السلام للعبادة، ﴿وُضِعَفعل مبني للمجهول، فالملائكة هي الّتي وضعت هذا البيت، قبل آدم، والدّليل هو هذه الآية.

ومن الإثباتات أنّ البيت الحرام وُضع للنّاس قبل وجودهم، وأنّه بُني قبل إبراهيم عليه السلام:

1- أنّ آدم عليه السلام تنطبق عليه كلمة: ﴿لِلنَّاسِ.

2- عندما أخذ سيّدنا إبراهيم السيّدة هاجر وابنه إسماعيل إلى هذا الوادي الـمُقفر قال: ﴿رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ  [إبراهيم: من الآية 37]، ممّا يدلّ على أنّه كان موجوداً قبل مجيء إبراهيم إلى هذه المنطقة، وليس هو مَن بناه، فقد قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة]،  فهو رفعه مع ابنه إسماعيل بعد ما صار يافعاً وليس عندما جاء به وهو رضيع، فهذا أمر غير ممكن عقلاً.

﴿لَلَّذِي بِبَكَّةَ: لماذا قال: بكّة، ولم يقل: مكّة؟

إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ: إن واسمها وبيت مضاف إليه

وُضِعَ لِلنَّاسِ: فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور ونائب الفاعل محذوف

لَلَّذِي بِبَكَّةَ: اللام هي المزحلقة الذي اسم موصول في محل رفع خبر إن ببكة اسم مجرور بالفتحة للعلمية والتأنيث، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول.

مُبارَكاً: حال من اسم الموصول

وَهُدىً: عطف

لِلْعالَمِينَ: متعلقان بهدى

بِبَكَّةَ: مكّة، أبدلت ميمها باء، والعرب كثيراً ما تبدل الباء ميما وبالعكس، وسميت بذلك لأنها تبك أعناق الجبابرة، أي تدقها.

مُبارَكاً: أي ذا بركة وكثير الخيرات.

وَهُدىً لِلْعالَمِينَ: لأنه قبلتهم.