الآية رقم (14) - إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ

﴿لَّن يَحُورَ﴾: لن يرجع.

ظنّ أنّه لن يرجع إلى الله سبحانه وتعالى ولن يُحاسب، فظنّهم هذا هو الّذي أرداهم وقذف بهم في هذه الهوّة السّحيقة، أو أنّهم ظنّوا أن لن يرجعوا إلى حالتهم الّتي كانوا عليها من نعيم الدّنيا.

والمتأمّل في هذه الآيات الكريمة يجد أنّها تُعطِينا صورةً للعدل المطلق، فمنطق العدل يقتضي أن يُحاسب الجميع، ومهما بلغ الإنسان من الصّلاح فلا تخلو صفحته من شيءٍ يُحاسب عليه، لكنّ كدح الإنسان وسعيه يحدّد طريقة الحساب، فمن النّاس من يكون حسابه مجرّد عرضٍ لأعماله وتعريفٍ بها ومقارنتها بنِعَم الله سبحانه وتعالى عليه، عن عائشة رضي الله عنها: عن النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «من نُوقِش الحساب عُذِّب». قالت: قلت أليس يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾؟ قال: «ذلك العرض»([1])، فالخوف إذاً ليس من الحساب إنّما من مناقشة الحساب، وعرض الأعمال من باب الامتنان، فهذا هو الحساب اليسير الّذي يبدأ بأن يُعطى صاحبُه كتابَه بيمينه، لذلك فإنّ اليمين دائماً علامة الخير ودليل السّلام.

 


([1]) صحيح البخاريّ: كتاب الرّقاق، باب من نوقِش الحساب عُذّب، الحديث رقم (6171).

إِنَّهُ: إن واسمها

ظَنَّ: ماض فاعله مستتر والجملة خبر إن والجملة الاسمية بدل من سابقتها

أَنْ: مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن محذوف

لَنْ يَحُورَ: مضارع منصوب بلن والجملة الفعلية خبر أن المخففة والمصدر المؤول من أن وما بعدها سد مسد مفعولي ظن.

﴿لَّن يَحُورَ﴾: لن يرجع.