الآية رقم (18) - إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ

(وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ): إقامة الصّلاة هي إعلان استدامة ولاءٍ لله سبحانه وتعالى، وهي الرّكن الّذي لا يسقط عن المسلم، وهي عماد الدّين قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصّلاة»([2])، وإقامة الصّلاة هي أداؤها بأركانها وشروطها وفرائضها وسننها وقبلتها ووضوئها وطهارتها كما أمر بها النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، إذاً فقد أتى بركنين اثنين من أركان الإيمان؛ الإيمان بالله واليوم الآخر، وأتى بركنين من أركان الإسلام؛ إقام الصّلاة وإيتاء الزّكاة؛ لأنّ الزّكاة هي برهانٌ على صحّة الإيمان.

(وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ): أمرٌ طبيعيٌّ من يقوم بهذه المهامّ الإيمانيّة كلّها أن يكون لا يخشى إلّا الله سبحانه وتعالى لماذا قال سبحانه وتعالى: (وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ) في هذا الموضع؟ الجواب: لأنّ كثيراً ممّن يعتقد أنّه يقوم ببناء المساجد يحبّ أن يُعرَف ويتباهى بأنّه بنى المساجد ويقول سبحانه وتعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) ]الجنّ[، لذلك يجب أن يكون العمل خالصاً لوجه الله سبحانه وتعالى، فمن يعمر مساجد الله سبحانه وتعالى هو من يؤمن بالله واليوم الآخر ويقيم الصّلاة ويؤتي الزّكاة، وأهمّ شيءٍ أنّه لا يخشى إلّا الله سبحانه وتعالى ، ويعلم أنّ القوّة بيد الله سبحانه وتعالى وأنّ الضّرّ والنّفع لا يمكن أن يأتيه إلّا بإذن الله سبحانه وتعالى.


(([1] صحيح مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان، الحديث رقم (35).
(([2] سنن النّسائيّ: كتاب التّفسير، باب سورة السّجدة، الحديث رقم (11394).

إِنَّما: كافة ومكفوفة.

يَعْمُرُ: فعل مضارع

مَساجِدَ: مفعوله

اللَّهِ: لفظ الجلالة مضاف إليه

مَنْ: اسم الموصول فاعله، والجملة مستأنفة.

(آمَنَ بِاللَّهِ): صلة الموصول لا محل لها.

وَالْيَوْمِ الْآخِرِ: عطف

وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ: جمل معطوفة. ويخش مضارع مجزوم بحذف حرف العلة فاعله هو.

إِلَّا: أداة حصر.

اللَّهِ: مفعول به.

فَعَسى: الفاء هي الفصيحة. «عسى» فعل ماض جامد، يرفع الاسم وينصب الخبر.

أُولئِكَ: اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع اسمها.

أَنْ يَكُونُوا: مضارع ناقص منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون والواو اسمها.

مِنَ الْمُهْتَدِينَ: متعلقان بمحذوف خبر الفعل الناقص يكونوا. والمصدر المؤول من أن والفعل في محل نصب خبر الفعل عسى،

(فعسى): لا محل لها جواب شرط غير جازم مقدر.

المسجد لغة: لزومه والإقامة فيه وعبادة الله فيه، وبناؤه وترميمه.

وعمارة المساجد نوعان:حسية، ومعنوية، فالحسية: بالتشييد والبناء والترميم والتنظيف والفرش والتنوير بالمصابيح والدخول إليها والقعود فيها، والمعنوية: بالصلاة وذكر الله والاعتكاف والزيارة للعبادة فيها، وذلك يشمل العمرة، ومن الذكر: درس العلم، بل هو أجله وأعظمه وصيانتها مما لم تبن له المساجد من أحاديث الدنيا، فضلا عن فضول الحديث، كما قال الزمخشري.

والمساجد فيها وجهان:

أحدهما- أن يراد المسجد الحرام، وإنما قيل: مساجد لأنه قبلة المساجد كلها وإمامها، فعامره كعامر جميع المساجد، ولأن كل بقعة منه مسجد.

والثاني- أن يراد جنس المساجد، وتشمل المسجد الحرام.