الآية رقم (45) - إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ

النّفاق هو أن يظهر الإنسان غير ما يبطن، والمنافق انتهازيٌّ يريد الحصول دائماً على مكاسب من غير أن يقدّم جهوداً، وقد فضح القرآن الكريم حركة النّفاق في المجتمع، ولكن لا يستطيع الإنسان أن يطلّع على قلوب النّاس ليحكم بأنّ هذا منافقٌ أو غير منافقٍ، فأعطى الله سبحانه وتعالى صفات هؤلاء المنافقين في كثير من الآيات القرآنيّة وهذه الآيات الآن تتحدّث عن المنافقين الّذين حلفوا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتحجّجوا واعتذروا بالأعذار لئلّا يخرجوا في غزوة تبوك.

الّذين استأذنوا وأرادوا البقاء في المدينة هم فقط الّذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، فهؤلاء لو آمنوا حقيقةً لخرجوا ولبذلوا؛ لأنّ تصديق الإيمان يكون بالفعل.

(وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ): يأتي الدّليل العقليّ بالنّسبة للإنسان أوّلاً، ثمّ ينزل هذا الدّليل العقليّ فيرسخ في القلب، وعندها يصبح عقيدةً لا يحتاج إلى مراجعةٍ وتردّدٍ، ويُصبح من الثّوابت، لذلك يُسمّى عقيدةً؛ أي تعقد وتربط عليه في القلب، إذاً الدّليل في العقل لكن الإيمان يستقرّ في القلب ويصدّقه العمل، فهو يحتاج إلى برهانٍ ودليلٍ وهما من عمل العقل، وهنا لا بدّ من الإشارة بأنّ الكثير من النّاس الّذين يريدون أن يحاربوا الإسلام أو الحديث عن الإسلام يتبجّحون دائماً بقضيّة العقل وموضوع النّقل والعقل، وكيف يقدّمون النّقل على العقل، وهذا موضوعٌ بحث فيه الكثيرون، بالتّأكيد الّذي يعلم بأنّ النّقل هو كلام الله سبحانه وتعالى، والله جلّ جلاله هو خالق العقل، يعلم بأنّه لا يمكن أن يكون هناك تعارض على الإطلاق بين ما قاله الله سبحانه وتعالى وبين ما يأتيه العقل من علمٍ؛ لأنّ الخالق واحدٌ، فلا يوجد إلـهان يتصارعان، أمّا إن كنت لا تؤمن بأنّ القرآن الكريم هو كلام الله سبحانه وتعالى فهذا أمرٌ آخر، والقرآن الكريم كلّه يتحدّث عن العقل: (لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الأعراف: من الآية 176]، (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ) [النّساء: من الآية 82]، (أَفَلَا يَعْقِلُونَ) [يس: من الآية 68]، كيف تقول: إنّه لا يؤمن بالعقل؟ والنّقل هو من عند الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يتعارض مع العلم ولا مع الإيمان، والعلم والإيمان متلازمان ومتطابقان، يقول سبحانه وتعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) [فاطر: من الآية 28].

إِنَّما: كافة ومكفوفة.

يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ: .. تقدم إعرابها. والجملة مستأنفة.

وَارْتابَتْ: فعل ماض والتاء للتأنيث.

قُلُوبُهُمْ: فاعل والجملة معطوفة.

فَهُمْ: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ.

فِي رَيْبِهِمْ: متعلقان بالفعل بعدهما، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ.

(فهم يترددون): معطوفة.

إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ: في التخلف

وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ: شكت قلوبهم في الدين

يَتَرَدَّدُونَ: يتحيرون