الآية رقم (9) - إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا

﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾: لم يقل المطعمون ذلك حينما أطعموا المسكين واليتيم والأسير، إنّما عَلِمَ الله تعالى من قلوبهم ونيّاتهم، فمدح ما عليه قلوبهم وحسن توجّههم وذكر ما أتوا به، وهم يعلمون أنّ من أطعموهم لا يملكون لهم جزاء ولا شكوراً، فلن يستطيعوا ردّ ما فعلوه.

والإطعام يكون لوجه الله تعالى رغبةً في رضاه عز وجل، لذلك نحن نضع الإخلاص أوّلاً في كلّ عملٍ، فقد يكون العمل واحداً أمام النّاس، ولكن هذا يأخذ ثواباً وذلك يأخذ به وزراً وعذاباً، الفارق هو الإخلاص، فالمهمّ أن يكون العمل خالصاً لله عز وجل، قد يقول إنسانٌ: الإخلاص مكانه القلب، وما دام الإنسان لا يؤذي أحداً، ولا يفعل منكراً، فليس من الضّروريّ أن يصلّي ما دامت النّيّة خالصة، نقول: إنّ المسألة ليست نيّات فقط، ولكنّها أعمال، بدليل قول النّبيّ ﷺ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»([1])، فلا بدّ من عمل بعد النّيّة؛ لأنّ النّيّة تنتفع بها وحدك، والعمل يعود على النّاس، فإذا كان في نيّتك أن تتصدّق وتصدّقت وانتفع الفقراء بمالك، فالعمل الإيمانيّ ما كان لله تعالى خالصاً وعلى قدر الإخلاص يكون الجزاء.

﴿لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾: والمجازاة هي المكافأة لما أُسديَ إليه، والشّكر هو الثّناء عليه، فلا نريد منكم مكافأة في الدّنيا ولا ثواباً في الآخرة.

والشّكور مصدر كالقعود والدّخول والخروج، فمعنى: ﴿لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾؛ أي: لانطلب منكم مجازاة تكافئونا بها، ولا أن تشكرونا عند النّاس.

([1]) صحيح البخاريّ: بَابُ بَدْءِ الوَحْيِ، كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ,، الحديث رقم (1).