الآية رقم (163) - إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإْسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا

﴿إِنَّا﴾: تأتي في القرآن الكريم: ﴿إِنَّا﴾ و ﴿إِنَّنِي﴾ و ﴿نَحْنُ﴾ ، قال تبارك وتعالى ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجرٍ]، نون العظمة وجمع كلّ الصّفات، لا يقول: ﴿إِنَّنِي﴾ إلّا في التّوحيد: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه].

﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا﴾: المعنى اللّغوي للوحي هو إعلامٌ بخفاءٍ، أمّا المعنى الاصطلاحيّ: إعلامٌ بخفاءٍ من قبل الملائكة، والله سبحانه وتعالى يوحي لمن يشاء، فيوحي إلى الرّسل عن طريق جبريل عليه السَّلام، ويوحي إلى الجماد وإلى الأرض.. عن طريق الملائكة ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ [الزّلزلة]، إعلامٌ بخفاءٍ، أيضاً بالنّسبة للنّحل: ﴿وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾ [النّحل]، ويجب أن نفرّق بين المعاني الشّرعيّة والمعاني اللّغويّة، فالمعنى الشّرعيّ شيءٌ والمعنى اللّغويّ شيءٌ آخر، مثال عند قولنا: الصّلاة، ففي المعنى اللّغويّ الدّعاء، وفي المعنى الشّرعيّ هي الصّلاة بأركانها وشروطها الّتي حدّدها المصطفى عليه الصَّلاة والسَّلام، وبالشّكل الّذي نقيمها فيه.

إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ: أوحينا فعل ماض مبني على السكون تعلق به الجار والمجرور إليك ونا فاعله والجملة خبر إن ونا اسمها

كَما أَوْحَيْنا: الكاف اسم بمعنى مثل صفة لمصدر محذوف وما مصدرية والمصدر المؤول من ما المصدرية والفعل بعدها في محل جر بالإضافة والتقدير: أوحينا إليك إيحاء مثل إيحائنا إلى نوح، ويجوز إعراب الكاف حرف جر والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لمفعول مطلق مقدر.

إِلى نُوحٍ: متعلقان بأوحينا

وَالنَّبِيِّينَ: عطف على نوح

مِنْ بَعْدِهِ: متعلقان بمحذوف حال

وَأَوْحَيْنا: الجملة معطوفة على أوحينا الأولى

إِلى إِبْراهِيمَ: اسم مجرور بالفتحة عوضا عن الكسرة اسم علم أعجمي ممنوع من الصرف ومثلها الأسماء المعطوفة «وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى..» إلخ «وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً» فعل ماض وفاعله ومفعولاه والجملة معطوفة على أوحينا الأولى.

إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ: أي أنزلنا إليك كتابًا بواسطة جبريل عليه السلام، والوحي: إعلام في خفاء .

وقال الزجاج: الإيحاء: الاعلام على سبيل الخفاء. ويأتي في اللغة على معان منها:

1- الإشارة: مثل قوله تعالى: (فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) [مريم 19/ 11] أي أشار إليهم.

2- الإلهام: مثل قوله تعالى: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي) [المائدة 5/ 111] (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ) [القصص 28/ 7] .

3- الإلهام غريزة: مثل قوله تعالى: (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) [النحل 16/ 68] .

4- الاعلام في خفاء: مثل قوله تعالى: (شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً ) [الأنعام 6/ 112]

الْأَسْباطِ جمع سبط: وهو ولد الولد، والمراد بالأسباط هنا: أولاد يعقوب لصلبه أو أولاد أولاده

زَبُوراً: هو الكتاب المنزل على داود عليه السلام.

الزبور: في اللغة بالضم مصدر: هو المزبور بمعنى المكتوب، وبالفتح: اسم للكتاب المؤتى.