﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ﴾ هناك آياتٌ يقول فيها جلّ وعلا: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ﴾ [الزّمر: من الآية 41]، ما الفارق بينهما؟
﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ﴾ بالتّكاليف، و﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ﴾ بالرّحمة والفضل والعطاء، فتنزّل القرآن الكريم إمّا هو تكليف البشر افعل ولا تفعل، هذا حلالٌ وهذا حرامٌ، وإمّا أن يكون فضلاً ورحمةً، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا﴾ [الإسراء].
﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ﴾: الحقّ: هو الشّيء الثّابت الّذي لا يأتي شيءٌ في الكون أو واقعٌ ينقضه، والقرآن الكريم نزل بالحقّ، يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ﴾ [الإسراء: من الآية 105]، لا يمكن أن يأتي أيّ واقعٍ من وقائع الحياة الدّنيا أو أيَّة قضيّةٍ لتناقض ما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى، هذا هو معنى الحقّ، ولا توجد آيةٌ في القرآن الكريم تتناقض مع أيّ اكتشافٍ علميّ حتّى الآن، فالأمور المكتشفة نجدها في كتاب الله تبارك وتعالى، لكن لم يكن العقل البشريّ يدركها؛ لأنّه لم يكن مستعدّاً في وقتها لتقبّلها.
﴿لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ﴾: لا يمكن أن تحابي مسلماً على غير مسلمٍ، وأن تفرّق بين مسلمٍ وغير مسلمٍ لا في الحقوق ولا الواجبات، يقول تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ﴾ [النّساء: من الآية 58]، لم يقل: وإذا حكمتم بين المسلمين.