الآية رقم (4) - إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ

﴿ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ﴾: أصل الكلمة: يا أبي، نجد في اللّغة العربيّة كلمات أبي أبتِ أبتاه، وكلّها تؤدّي معنى الأبوّة، وإن كان لكلٍّ منها ملحظٌ لغويٌّ.

﴿ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾: نحن نرى الشّمس والقمر، لكن في وقت ظهورهما، بينما حلم يوسف عليه السّلام بأنّه رآهما معًا ومعهما الكواكب، فالكواكب متناثرةٌ في السّماء، آلافٌ لا حصر لها، فكيف يرى يوسف أحد عشر كوكبًا فقط قد جُمعوا مع الشّمس والقمر؟! لا بدّ أنّها اتّصفت بصفاتٍ خاصّةٍ ميّزتها عن غيرها من الكواكب الأخرى حتّى استطاع يوسف أن يعدّها في الرّؤيا، هو رآها في الرّؤيا شمسًا وقمرًا وأحد عشر كوكبًا، ثمّ رآها بعد ذلك ساجدةً، لنرى دقّة الأداء القرآنيّ، هذا يعني أنّه رآها أوّلًا بصفاتها الّتي نرى بها الشّمس والقمر والنّجوم من غير سجودٍ، ثمّ رآها عليه السّلام وهي ساجدةً له، بمعنى الخضوع لأمر الله سبحانه وتعالى.

﴿سَاجِدِينَ﴾: جمع مذكّر سالم، ولا يُجمع جمع المذكّر السّالم إلّا إذا كان المفرد عاقلًا، والعقل يتميّز بقدرة الاختيار بين البدائل، فهم لم يسجدوا ليوسف عليه السّلام وإنّما سجدوا بأمرٍ من الله تبارك وتعالى، فهم يعقلون أمر الله جلّ وعلا.

«إِذْ»: ظرف زمان يتضمن معنى الشرط متعلق بفعل محذوف تقديره اذكر.

«قالَ يُوسُفُ»: ماض وفاعله والجملة مضاف إليه.

«لِأَبِيهِ»: اللام حرف جر وأبيه اسم مجرور بالياء لأنه من الأسماء الخمسة متعلق بقال.

«يا»: أداة نداء.

«أَبَتِ»: منادى منصوب لأنه مضاف لياء المتكلم المحذوفة وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها مناسبة الحرف المحذوف وقد عوض عن الياء المحذوفة بالتاء والجملة مقول القول.

«إِنِّي»: إن واسمها والجملة مقول القول.

«رَأَيْتُ»: ماض وفاعله والجملة خبر.

«أَحَدَ عَشَرَ»: كلمتان مبنيتان على فتح الجزأين في محل نصب مفعول به.

«كَوْكَباً»: تمييز.

«وَالشَّمْسَ»: معطوف على أحد عشر.

«وَالْقَمَرَ»: معطوف على ما قبله.

«رَأَيْتُهُمْ»: ماض وفاعله ومفعوله والجملة مستأنفة.

«لِي»: متعلقان بساجدين.

«ساجِدِينَ»: مفعول به ثان لرأيتهم.

إِذْ قالَ: أي ذكر، أو بدل من.

أَحْسَنَ الْقَصَصِ بدل اشتمال إن جعل أَحْسَنَ مفعولا به لِأَبِيهِ هو يعقوب،
روى أحمد والبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال: «الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم» .
إِنِّي رَأَيْتُ: في المنام من الرؤيا لا من الرؤية.

أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً: هم إخوة يوسف، وكانوا أحد عشر، والشمس والقمر: أبوه وأمه.

رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ: إما تأكيد، أو استئناف لبيان حالهم التي رآهم عليها، فلا تكرار.
وإنما أجريت مجرى العقلاء لوصفها بصفاتهم، وهو السجود الذي هو من صفات العقلاء. والسجود المراد هنا: هو الانحناء، مبالغة في الاحترام، وليس سجود عبادة لأن سجود العبادة لا يكون إلا بنية التقرب لمن يعتقد أن له عليه سلطانا غيبيا فوق السلطان المعتاد.