يوجد أمامنا الآن اثنين من المرسلين كذّبهم القوم فعزّز الله سبحانه وتعالى بثالث، لماذا لم يقل: فعزّزناهما بثالث؟ لأنّ الله سبحانه وتعالى يعزّز الحقّ ولا يعزّز الأنبياء.
فقد جاؤوا إلى قومٍ ضالّين، ولديهم كثيرٌ من الجحود، والنّكران بالإيمان.
﴿فَعَزَّزْنَا﴾: أي قوَّيْنا.
﴿فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ﴾: بدأ هنا حوار عقل وفكر، ولذلك الإسلام ليس إسلام قهر ولا إرهاب، لنلحظ كيف ينتهي الحوار الفكريّ بين من لديه الحجّة والبيان وبين من ليس لديه الحجّة أو البيان، قالوا: إنّا إليكم مرسلون، بدأ الحوار، فلمّا كذَّبوا وأنكروا للمرّة الثّانية كان لا بُدَّ من تأكيد الكلام على هذا النّحو: ﴿إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ﴾، وكلّ كلمة من هذه العبارة فيها تأكيدٌ، أوّلاً بـ(إنَّ)، ثمّ أسلوب القصر في تقديم الجار والمجرور ﴿ إِلَيْكُمْ ﴾.