الآية رقم (202) - أُولَـئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ

النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم شارح لمضمون القرآن مفسّر لعظمة كتاب الله، النّبيّ إذا قال فإنّ قوله تشريع؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى يقول: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ) [الحشر: من الآية 7]، لماذا قال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا يدخل الجنّة إلّا برحمة الله؟ أنت صحيح ستُحاسب على العمل لكن الله هو الّذي وضع لك الجنّة جزاء لهذا العمل، هل هو ملزم أن يضع لك هذه الجنّة؟ لو أنّ الله لم يضع الجنّة للعمل الصّالح، هل يستطيع أحد أن يُلزِم الله أن يجعل الجنّة جزاء لعمل البشر؟ لا، إذاً طالما الجواب لا، فمن رحمة الله بأن جعل الجنّة ثواباً للعمل الصّالح، إذاً أصل الأمر بأنّك تدخل الجنّة برحمة الله، ولو قال الله: اعمل ما شئت، واعمل خيراً أو لا تعمل خيراً، ولو لم يخلق الله الجنّة أصلاً، فهل تستطيع أن تُلزِم الله بجنّة لك من أجل عملك؟ لا طبعاً، فأنت تدخل الجنّة برحمته؛ لأنّه خلق لك هذه الجنّة، لكن أنت تُحاسب على عملك حتّى تدخل الجنّة، إذاً هذا صحيح وهذا صحيح، هذا بالمعيار الأوسع بأنّك تدخل الجنّة برحمة الله، بأنّه خلق لك الجنّة هذا المعيار الأوسع، أمّا المعيار الدّقيق فهو قوله سبحانه وتعالى: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) [المدّثر]، وتُحاسب على عملك بالقليل والقطمير، لذلك فإنّ الله يقول: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [التّوبة]، ليس بما كنتم تقولون، بل بما كنتم تعملون إذاً الإنسان يُحاسب على عمله.

(وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ): السّرعة هي تجاوز للزّمن بأن تختصر الزّمن في قطع مسافة، هذا معنى السّرعة، والله سبحانه وتعالى لا زمن بالنّسبة له ولا مسافات؛ لأنّ أيّ حدث يحتاج إلى مكان وإلى زمان، والله خالق الزّمان وخالق المكان، فلذلك الله سريع العقاب وسريع الحساب، ولا تنطبق عليه صفات البشر.

 


([1]) صحيح البخاريّ: كتاب المرضى، باب نهي تمنّي المريض الموت، الحديث رقم (5349).

أُولئِكَ: اسم إشارة مبتدأ.

لَهُمْ: متعلقان بخبر نصيب المؤخر.

نَصِيبٌ: مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية خبر أولئك، وجملة أولئك استئنافية.

مِمَّا: ما اسم موصول في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صفة لنصيب.

كَسَبُوا: فعل ماض وفاعل والجملة صلة الموصول.

وَاللَّهُ: لفظ الجلالة مبتدأ.

سَرِيعُ: خبر والجملة استئنافية

الْحِسابِ: مضاف إليه.

أُولئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ: ثواب.

مِمَّا كَسَبُوا: من أجل ما عملوا من الحج والدعاء.

وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ: يحاسب الخلق كلهم في قدر نصف نهار من أيام الدنيا، لحديث بذلك.