الآية رقم (96) - أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ

﴿وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾: بيّن الله سبحانه وتعالى العلّة بأنّها تقوى، فقضيّة الحلال والحرام اختبارٌ وتقوى، يقول بعض النّاس: لا بدّ من وجود حكمةٍ من تحريم الحرام، كتحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام، هذا تحريمٌ دائمٌ لا يتعلّق بزمانٍ ولا مكانٍ، أمّا تحريم الصّيد هنا فتحريمٌ يتعلّق إمّا بزمن الإحرام وإمّا بمكان ميقات الإحرام، عندما تدخل لمنطقة الإحرام وتحرم فأصبح الصّيد حراماً، هذا يدلّ على أنّ الأمر والنّهي من الله سبحانه وتعالى العلّة فيه هو الامتثال لأمر الآمر، وليست العلّة فيه أن نقول مثلاً: لحم الخنزير فيه ديدان و… فلا نأكله؛ لأنّه يؤدّي إلى الأمراض، ولا نشرب الخمر؛ لأنّه يؤدّي إلى ستر العقل.. هذا صحيحٌ، لكنّنا لا نأكل لحم الخنزير ولا نشرب الخمر ولا نقترب من الميسر والأزلام والأنصاب امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى، علمنا أم لم نعلم العلّة الّتي أرادها الله سبحانه وتعالى من هذا التّحليل وهذا التّحريم، وإلّا فلو كان الأمر كذلك لكان الإنسان يعبد الحكمة والعلّة ولا يعبد الله عزَّ وجلّ

«أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ» فعل ماض مبني للمجهول تعلق به الجار والمجرور وصيد نائب فاعله «الْبَحْرِ» مضاف إليه «وَطَعامُهُ» عطف على صيد «مَتاعاً لَكُمْ» مفعول لأجله تعلق به الجار والمجرور بعده «وَلِلسَّيَّارَةِ» عطف على لكم. «وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ» كالجملة السابقة «ما دُمْتُمْ حُرُماً» فعل ماض ناقص، والتاء اسمها وحرما خبرها. «وَاتَّقُوا اللَّهَ» فعل أمر مبني على حذف النون، والواو فاعله، والله لفظ الجلالة مفعوله والجملة معطوفة. «الَّذِي» اسم موصول في محل نصب صفة «إِلَيْهِ» متعلقان بتحشرون و «تُحْشَرُونَ» فعل مضارع مبني للمجهول والواو نائب فاعل والجملة صلة الموصول.

أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ: أبيح لكم أيها الناس حلالاً كنتم أو محرمين، وصيد البحر: ما يصاد منه مما يعيش فيه عادة، والمراد بالبحر: الماء الكثير الذي يعيش فيه السمك كالأنهار والآبار والبرك ونحوها، أي أحل لكم أن تأكلوا صيد البحر، وهو ما لا يعيش إلا فيه كالسمك، بخلاف ما يعيش فيه وفي البر كالسرطان.

وَطَعامُهُ: ما قذف به ميتا إلى ساحله أو طفا على وجه الماء.

مَتاعاً: تمتيعاً.

لَكُمْ: تأكلونه.

وَلِلسَّيَّارَةِ: المسافرين منكم يتزودونه، جمع سيار: وهو المسافر.

وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ: وهو ما يعيش في البر من الوحش المأكول، وحرم أن تصيدوه.

ما دُمْتُمْ حُرُماً: أي محرمين، فلو صاده حلال، فللمحرم أكله في رأي جمهور العلماء، كما بينت السنة، إذا لم يصد له ولا من أجله. وأجاز الحنفية للمحرم أكل الصيد على كل حال إذا اصطاده الحلال، سواء صيد من أجله أو لم يصد لظاهر قوله تعالى: (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) فحرم صيده وقتله على المحرمين، دون ما صاده غيرهم.

تُحْشَرُونَ: تجمعون وتساقون إليه يوم الحشر.