الآية رقم (185) - أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ

﴿وَأَنْ عَسَىٰ أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ﴾: أي عندما يقترب الأجل، هم يعتقدون أنّه بعيدٌ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾ [المعارج]، ولكن مهما طال عمر الإنسان في هذه الحياة وإن بلغ سبعين أو ثمانين أو تسعين سنةً فإنّ أجله قريبٌ، وهو آتٍ لا ريب فيه.

﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُون﴾: لا يوجد إيمانٌ بعد ذلك؛ لأنّ الإيمان عندها يكون قد أصبح مشهديّاً، ويكون الإنسان قد خرج من الظّلمة الّتي هو فيها في هذه الحياة ولا يستطيع أن يراها الآن: ﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾ [ق]، الإنسان في هذه الحياة الدّنيا لا يرى الـمُلك ولا الملكوت، لكنّه سيرى الملكوت بعد أن يُكشف عنه الغطاء، ويرى هذه الحقائق، فليس كلّ ما لا تراه غير موجودٍ، نحن لا نرى بأعيننا ولكن يجب علينا أن نرى بقلوبنا وببصيرتنا وليس بأبصارنا؛ لذلك قال الله سبحانه وتعالى : ﴿لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا﴾ [الأعراف: من الآية 179]، لو أنّهم يفقهون بقلوبهم لرأوا الحقيقة، ولرأوا بأنّ هذه الدّنيا متاعٌ، وأنّها زائلةٌ، وأنّ الموت قادمٌ، وأنّ هناك حياةً بعد الموت. مخلوقات الله سبحانه وتعالى كلّها تدلُّ على وجوده جلّ جلاله، ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [البقرة].

أَوَلَمْ يَنْظُرُوا: إعرابها كإعراب الآية السابقة

وَما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر بفي المقدرة وهو معطوف على ملكوت

السَّماواتِ: مضاف إليه

وَالْأَرْضِ: عطف

وَما خَلَقَ: ماض

اللَّهُ: لفظ الجلالة فاعل. والجملة الفعلية صلة الموصول.

مِنْ شَيْءٍ: متعلقان بمحذوف حال

أَنْ: المخففة واسمها ضمير الشأن أي وأنه.

عَسى: فعل ماض ناقص، واسمها ضمير مستتر، والمصدر المؤول من أن

يكون قد اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ: الفعل الناقص يكون وأن قبله في محل نصب خبرها. واسم يكون ضمير مستتر أيضا، والجملة الفعلية في محل نصب خبرها.

فَبِأَيِّ: جار ومجرور متعلقان بالفعل يؤمنون، والفاء هي الفصيحة.

حَدِيثٍ: مضاف إليه

بَعْدَهُ: متعلقان بمحذوف صفة لحديث، والجملة لا محل لها جواب شرط غير جازم.

يُؤْمِنُونَ: مضارع وفاعله.

مَلَكُوتِ: ملك

مِنْ شَيْءٍ: بيان لما، فيستدلوا به على قدرة صانعه ووحدانيته

قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ: قرب أجلهم، فيموتوا كفارا، فيصيروا إلى النار، فيبادروا إلى الإيمان

مَلَكُوت السَّماواتِ وَالْأَرْضِ: مجموع العالم

فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ: الحديث: كلام الله، وهو القرآن، وبعده: بعد القرآن