﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾: في قول الله سبحانه وتعالى هنا بيانٌ للونٍ آخر من مصادمة الكافرين لمنهج الرّسول ﷺ والإيمان به، فقد قالوا: إنّ محمّداً قد افترى القرآن، والافتراء هو الكذب المتعمّد؛ أي أنّه كلامٌ يُخالف واقعاً في الكون.
﴿ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ﴾: حين اتّهموا النّبيّ ﷺ بهتاناً بأنّه افترى القرآن الكريم، جاء الرّدّ بمنتهى البساطة: أنتم معشر العرب أهل فصاحةٍ وبلاغةٍ، وقد جاء القرآن الكريم من جنس نبوغكم، وما دمتم قد قلتم: إنّ محمّداً قد افترى القرآن الكريم، وإنّ آياته ليست من عند الله سبحانه وتعالى فلماذا لا تفترون مثله؟ ما دام الافتراء أمراً سهلاً بالنّسبة إليكم، فلماذا لا تأتون بمثله، ولو بعشر سورٍ منه؟ لقد عشتم مع محمّدٍ ﷺ منذ صغره، وتعلمون أنّه لم يزاول الشّعر أو الخطابة، ولم يشترك في أسواق البلاغة والشّعر الّتي كانت تُعقد في الجاهلية في مكّة، فهل كنتم قادرين على قبول التّحدّي بأن تأتوا بعشر سورٍ من مِثل القرآن الكريم في قوّة الفصاحة وأسرار المعاني؟
﴿ ادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ ﴾: وهنا جاء الحقّ سبحانه وتعالى بالمرحلة الثّانية من التّحدّي وهي السّور العشر، وطلب منهم أن يدعوا البلغاء والشّركاء من دون الله عزّ وجلّوهنا يقطع الله سبحانه وتعالى عليهم فرصة الادّعاء، حتّى لا يقولوا سوف ندعوا الله سبحانه وتعالى ولذلك طالبهم أن يأتوا بمن استطاعوا.
﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾: ولا شكّ هم كاذبون في ذلك.