﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ﴾: النّعمة الّتي تأتي للإنسان هل هي إلّا من عطاء الله سبحانه وتعالى وفضله عزَّ وجل؟ يقول جلّ وعلا: ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ﴾ [النّحل: من الآية 53]، الحسد هو نتيجةٌ للحقد، وتحليله من النّاحية العلميّة أنّ الإنسان عندما يختلج في صدره حقدٌ على نعمةٍ عند أحدٍ، يرى عنده مالاً أو جاهاً أومنصباً أو نجاحاً أو تميّزاً فيحقد عليه، ممّا يُحدث في جسمه تفاعلاتٍ كيميائيّةً -تماماً مثل الحزن وهو أمرٌ معنويٌّ، وبنتيجته يرتفع ضغط الدّم ومعدّل السّكّر في الجسم- فتخرج من العين نتيجة هذه التّفاعلات إلكترونات أو ما شابه، فتصيب المحسود، لكن ما ذنب المحسود؟ الحسد مثل داءٍ أو مرضٍ مُعدٍ (كوليرا أو غير ذلك)، يُصيب الإنسان ثمّ ينقل العدوى لآخر، فأوّل ما يصيب الحسد صاحبه كما يقولون في المثل:
لله درّ الحسدِ ما أعدلَه بدأَ بصاحبهِ فقتَله
فاختلاج الحقد داخل النّفس والصّدر يميت هذا الحسود المبغض الحاقد غيظاً وكيداً، لذلك فالعلاج الإيمانيّ للإنسان من أجل ألّا يحسد هو قوله: “ما شاء الله لا قوّة إلّا بالله”، أمّا علاج المحسود فهو قراءة (المعوّذتين) وسورة (الإخلاص). والحسد أمرٌ واقعٌ، وخطره يكمن في أنّه ردٌّ لقدر الله في خلقه، وذكرنا أنّ اليهود حسدوا المؤمنين؛ لأنّ الرّسالة نزلت في العرب ومن نسل سيّدنا إسماعيل عليه السلام وعلى قلب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.