الآية رقم (54) - أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا

﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ﴾: النّعمة الّتي تأتي للإنسان هل هي إلّا من عطاء الله سبحانه وتعالى وفضله عزَّ وجل؟ يقول جلّ وعلا: ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ﴾ [النّحل: من الآية 53]، الحسد هو نتيجةٌ للحقد، وتحليله من النّاحية العلميّة أنّ الإنسان عندما يختلج في صدره حقدٌ على نعمةٍ عند أحدٍ، يرى عنده مالاً أو جاهاً أومنصباً أو نجاحاً أو تميّزاً فيحقد عليه، ممّا يُحدث في جسمه تفاعلاتٍ كيميائيّةً -تماماً مثل الحزن وهو أمرٌ معنويٌّ، وبنتيجته يرتفع ضغط الدّم ومعدّل السّكّر في الجسم- فتخرج من العين نتيجة هذه التّفاعلات إلكترونات أو ما شابه، فتصيب المحسود، لكن ما ذنب المحسود؟ الحسد مثل داءٍ أو مرضٍ مُعدٍ (كوليرا أو غير ذلك)، يُصيب الإنسان ثمّ ينقل العدوى لآخر، فأوّل ما يصيب الحسد صاحبه كما يقولون في المثل:

لله درّ الحسدِ ما أعدلَه                  بدأَ بصاحبهِ فقتَله

فاختلاج الحقد داخل النّفس والصّدر يميت هذا الحسود المبغض الحاقد غيظاً وكيداً، لذلك فالعلاج الإيمانيّ للإنسان من أجل ألّا يحسد هو قوله: “ما شاء الله لا قوّة إلّا بالله”، أمّا علاج المحسود فهو قراءة (المعوّذتين) وسورة (الإخلاص). والحسد أمرٌ واقعٌ، وخطره يكمن في أنّه ردٌّ لقدر الله في خلقه، وذكرنا أنّ اليهود حسدوا المؤمنين؛ لأنّ الرّسالة نزلت في العرب ومن نسل سيّدنا إسماعيل عليه السلام وعلى قلب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم.

أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ: فعل مضارع وفاعل ومفعول به والجملة معطوفة على جملة: أم لهم

عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ: فعل ماض ومفعوله ولفظ الجلالة فاعله والجملة صلة ما والجار والمجرور على ما متعلقان بيحسدون

مِنْ فَضْلِهِ: متعلقان بآتاهم

فَقَدْ: الفاء للتفريع

آتَيْنا آلَ: فعل ماض وفاعل ومفعول به

إِبْراهِيمَ: مضاف إليه مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه اسم علم أعجمي

الْكِتابَ: مفعول به ثان

وَالْحِكْمَةَ: عطف

وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً: مثل آتينا آل إبراهيم والجملة معطوفة.

أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ: بل أيحسدون النّبي صلّى الله عليه وسلّم، والحسد: تمنّي زوال نعمة الغير.

عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ: من النّبوة، والعلم، والكرامة في الدّين والدّنيا، ويقولون: لو كان نبيّاً لاشتغل عن النّساء.

وَالْحِكْمَةَ: العلم بالأسرار المودعة في أحكام الشريعة.

مُلْكاً عَظِيماً: ما كان لأنبياء بني إسرائيل كداود وسليمان عليهما السّلام.