الآية رقم (20) - أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ

﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ﴾: كلمة: ﴿جُنْدٌ﴾ مفردة، لكنّها تدلّ على جماعة، وأصل الكلمة من (جند): وهي الأرض الغليظة الصّلبة القويّة، ونظراً لأنّ الجنود المفروض فيهم القوّة فقد أطلق عليهم لفظ: (جند).

﴿جُنْدٌ لَكُمْ﴾: الخطاب هنا للكافرين، أيّها الكافرون، بماذا أنتم منتصرون؟! وقوله سبحانه وتعالى: ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي﴾ هو استفهامٌ بمعنى التّوبيخ لمشركي مكّة، فأيّ هذه الأصنام والأوثان تمنعكم من عذاب الله عز وجل وتدفعه عنكم؟ وهذا نحو قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنَا لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ﴾ [الأنبياء]، فهذه الآلهة لا تستطيع نصر أنفسها، فكيف ينصرونكم ويمنعونكم من عذاب الله عز وجل إن وقع بكم؟

فقوله سبحانه وتعالى: ﴿أَمَّنْ هَذَا الَّذِي﴾: خطابٌ للكافرين على وجه التّوبيخ والتّهديد وإقامة الحجّة عليهم، فلا جند لهم ينصرونهم إن أراد الله عز وجل عذابهم، ولن يجدوا من ينصرهم من دون الرّحمن عز وجل، واستخدم المولى سبحانه وتعالى كلمة: ﴿الرَّحْمَنِ﴾، فهو يذكِّرهم أنّ وجودهم في هذه الحياة إنّما هو برحمة الله سبحانه وتعالى، فقد أنعم عليهم بصفة الرّحمن، وهذا استفهامٌ على سبيل السّخرية منهم، فيستفهم المولى سبحانه وتعالى بهذه الطّريقة: من يستطيع أن ينصركم من دون الرّحمن؟! وملحظ الرّحمن ملحظٌ مهمٌّ جدّاً، فكان عليهم أن ينتبهوا إلى رحمة الله سبحانه وتعالى.

﴿إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ﴾: فغرور الدّنيا قد يركب بعض النّاس، فيظنّون أنّهم في منعة من الله عز وجل، وأنّهم لن يلاقوه.

وهناك (غُرور) بضمّ الغين، و(غَرور) بفتح الغين، فالغُرور بضمّ الغين هو الشّيء يصوّر لك على أنّه حقيقة وهو في الواقع وهمٌ، أمّا الغَرور بفتح الغين فهو من يفعل هذه العمليّة، ولذلك فالغَرور هو الشّيطان؛ لأنّه يزيّن للإنسان الأمر الوهميّ ويؤثّر مثلما يؤثّر السّراب، والغرور حيث يزيّن الشّيطان شيئاً للإنسان ويوهمه أنّه سيستمتع به، فإذا ما ذهب الإنسان إليه فلن يجد له حقيقة، بل العكس، فالغرور هو الإطماع فيما لا يصحّ ولا يحصل، فعندما تقول لواحد والعياذ بالله: (أنت مغرور)، فأنت تقصد أنّه يسلك سبيلاً لا يوصله إلى الهدف المنشود.

والحقّ سبحانه وتعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ [فاطر]، فهم في وهمٍ شديد، وابتعادٍ عن الحقّ، يسيرون وفق خُطا الشّيطان الّذي سمّاه الله سبحانه وتعالى (الغَرور)؛ لأنّه يطمعنا نحن البشر بأشياء متوهّمة لن تحدث.

«أَمَّنْ» أم حرف عطف بمعنى بل ومن اسم استفهام مبتدأ «هذَا» اسم الإشارة خبر

«الَّذِي» اسم الموصول بدل من هذا

«هُوَ جُنْدٌ» مبتدأ وخبره والجملة صلة

«لَكُمْ» صفة جند

«يَنْصُرُكُمْ» مضارع ومفعوله والفاعل مستتر والجملة صفة ثانية لجند

«مِنْ دُونِ» متعلقان بالفعل

«الرَّحْمنِ» مضاف إليه.

«إِنِ» نافية

«الْكافِرُونَ» مبتدأ

«إِلَّا» حرف حصر

«فِي غُرُورٍ» خبر والجملة اعتراضية لا محل لها

  أمّن هذا ؟ ؟ بَلْ مَنْ هذا ؟ ؟
  جُندٌ لكم أعْوان لكم ومَنـَـعَة
  غرور خديعة من الشيطان وجنده