قصّة أصحاب الفيل قصّةٌ واقعيّةٌ شهدها النّاس بأعينهم، وشاهدوا آثارها، والله سبحانه وتعالى أجرى بهذه الحادثة أموراً فوق متناول البشر والطّبيعة والأسباب.
﴿أَلَمْ تَرَ﴾: الخطاب لسيّدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، كأنّ الله سبحانه وتعالى يقول له: ألم تعلم، فالله سبحانه وتعالى عندما يُخبر فهو أصدق من الحواسّ؛ لأنّه سبحانه وتعالى مصدر العلم، فخذ ما أخبرك به ربّك مأخذ ما تراه بعينك بل أوثق منه، قال سبحانه وتعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فصّلت: من الآية 53].
﴿أَلَمْ﴾: فيها الحروف ذاتها الّتي بدأت بها سورة (البقرة): ﴿أَلَمْ﴾ [البقرة]، ولكن اختلف النّطق بينهما، فقراءة القرآن تختلف عن قراءة أيّ كتابٍ آخر، فهي توقيفيّةٌ من جبريل عليه السَّلام لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، والقرآن الكريم كتابٌ له خصوصيّةٌ من أوجهٍ كثيرةٍ، أوّلاً: خصوصيّة التّناول، فتناول أيّ كتابٍ لا يحتاج إلى شروطٍ، أمّا القرآن الكريم فيُشترط لتناوله أن تكون طاهراً؛ لتربية المهابة في النّفوس، والأمر الآخر: القرآن الكريم له رسمٌ خاصٌّ يختلف عن قواعد الرّسم الاملائيّ للحروف، فمثلاً لو أخذنا البسملة نجد في كلّ سورةٍ من سور القرآن الكريم تُكتب﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ [الفاتحة]، الباء موصولةٌ بالسّين من غير ألفٍ، لكنّها في قوله: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ ]العلق[، نجدها بالألف، وكذلك كتابة التّاء في كلمة (شجرة)، فشجرة الزّقوم كُتبت مرّةً بالتّاء المبسوطة: ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ﴾ [الدّخان]، ومرّةً بالتّاء المربوطة: ﴿أَذَٰلِكَ خَيْرٌ نُّزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ﴾ [الصّافّات]، فهناك نظمٌ خاصٌّ أملاه جبريل عليه السَّلام على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد بلّغه صلَّى الله عليه وسلَّم لأصحابه وقال لهم: اكتبوه هكذا، فكتبوه، فالحرف في القرآن الكريم له معنىً.