الآية رقم (243) - أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ

إذاً هناك مجموعة وهم ألوف، أعداد غفيرة، حادثة حدثت، نحن نترك العبرة والغاية من الحادثة ونبحث متى حدثت؟ أفي أيّام موسى أم بعدها، أيّام داود، أيّام يوشع، أيّام زكريّا، أيّام مَن؟… المولى سبحانه وتعالى لم يذكره، وطالما أنّه لم يذكره فإذاً هو أراد وظيفة إيمانيّة من غير أن تعرف من هم، فلا تضيِّق الأمر، عندما يبهم يريد أن يعمّم، فأبهم الأشخاص، وأبهم الزّمان، وأبهم المكان، لم يذكر من هم ولم يذكر الزّمن الّذي تمّ ولم يذكر في أيّ مكان، لماذ؟ هذه قضيّة عامّة، يمكن أن تحدث في كلّ زمان ومكان، وهذا من ميّزات القصّة القرآنيّة أنك عندما تقرأ القصّة فنحن أمام إبهام مثل قصّة أصحاب الكهف: (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا) [الكهف]، هذا الإبهام يعمّم، فلم يذكر من هم الفتية؟ (نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) [الكهف]، بأيّ كهف دخلوا؟ لا نعلم من هم الفتية، لا نعلم ما هي أعمارهم؟ نعلم أنّهم فتية، وأنّهم شباب، إذاً هي قضيّة يريد أن تكون عامّة في كلّ زمان، لذلك لم يشخّص الأشخاص ولا الزّمان ولا المكان.

(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ): ألم تر إلى هؤلاء الّذين خرجوا من ديارهم من بني إسرائيل وهم ألوف، لماذا خرجوا؟ إمّا أن يكون بسبب طاعون، وإمّا أن يكون لقتال، أو خوف زلزال، أو أيّ شيء، لم يذكر المولى سبحانه وتعالى، المهمّ الغاية، خرجوا حذر الموت، سبب الخروج هو الخوف من الموت، فإذاً هنا يعالج قضيّة هامّة جدّاً بأن يعيش الإنسان في حياته وهو في قلق، أنت كما تولد تموت، طالما أنّك ولدت فأنت

أَلَمْ: الهمزة للاستفهام لم حرف جازم

تَرَ: فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة والفاعل أنت

إِلَى الَّذِينَ: متعلقان بالفعل تر

خَرَجُوا: فعل ماض وفاعل

مِنْ دِيارِهِمْ: متعلقان بخرجوا والجملة صلة الموصول

وَهُمْ: الواو حالية هم ضمير منفصل مبتدأ

أُلُوفٌ: خبر

حَذَرَ: مفعول لأجله

الْمَوْتِ: مضاف إليه

فَقالَ: الفاء عاطفة قال فعل ماض

لَهُمُ: متعلقان بقال

اللَّه: لفظ الجلالة فاعل

مُوتُوا: فعل أمر وفاعل والجملة مقول القول

ثُمَّ: حرف عطف

أَحْياهُمْ: فعل ماض ومفعول به والفاعل هو يعود إلى الله

إِنَّ اللَّهَ: إن ولفظ الجلالة اسمها

لَذُو: اللام المزحلقة

ذو: خبر مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الخمسة

فَضْلٍ: مضاف إليه

عَلَى النَّاسِ: متعلقان بفضل

وَلكِنَّ: الواو عاطفة لكن حرف مشبه بالفعل يفيد الاستدراك

أَكْثَرَ: اسمها منصوب بالفتح

النَّاسِ: مضاف إليه

لا يَشْكُرُونَ: لا نافية يشكرون فعل مضارع وفاعل والجملة في محل رفع خبر لكن.

أَلَمْ تَرَ: استفهام تعجيب واعتبار وتشويق إلى استماع ما بعده، أي ألم ينته علمك، والرؤية بمعنى العلم، إذ الاستفهام الحقيقي محال على الله.

وَهُمْ أُلُوفٌ: أربعة أو ثمانية أو عشرة أو ثلاثون أو أربعون أو سبعون ألفاً، وهو جمع كثرة، والقلّة: آلاف

ومعناه كثرة كاثرة وألوف مؤلفة.

حَذَرَ الْمَوْتِ: مفعول لأجله، وهم قوم من بني إسرائيل وقع الطاعون ببلادهم ففرّوا

والحذر: الخوف والخشية.

مُوتُوا: أي فماتوا.

ثُمَّ أَحْياهُمْ: بعد ثمانية أيام أو أكثر بدعاء نبيّهم حزقيل، فعاشوا دهرا عليهم أثر الموت، لا يلبسون ثوبا إلا عاد كالكفن، واستمرت

في أسباطهم.

لَذُو فَضْلٍ: ومنه إحياء هؤلاء.

وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ: وهم الكفار.

لا يَشْكُرُونَ: القصد من ذكر خبر هؤلاء تشجيع المؤمنين على القتال