بعد أن تحدّث المولى سبحانه وتعالى تقريعاً لأولئك الّذين تركوا الجبل وخالفوا أمر النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم من أجل الغنائم فحدث ما حدث، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللّهِ كَمَن بَاء بِسَخْطٍ مِّنَ اللّهِ﴾: هنا مقارنة، ورضوان هي مصدر (رضي)، فالإنسان عليه أن يسير بالطّريق الّذي يرضي الله سبحانه وتعالى، وإرضاء الله تبارك وتعالى أقرب ما جُبل عليه الإنسان وأُلصق بطبيعته لسببٍ بسيطٍ هو أنّ الإنسان بفطرته المركوزة فيه يميل إلى التّديّن، بدليل أنّ الله سبحانه وتعالى قال: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف]، عهد الفطرة هذا مركوز في كلّ إنسان، فرضا الله حاصلٌ في أن تتّبع أوامره سبحانه وتعالى، والله جلّ وعلا لم يكلّفك بما يشقّ عليك، حتّى العبادات من صلاة وصيام وحجّ وزكاة هي ضمن دائرة الاستطاعة، ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ [البقرة: من الآية 286]، لكن هل رضوان الله منوط بالعبادات؟ أم بالمعاملات؟ أم بالأخلاقيّات؟ الجواب بالعبادات والمعاملات والأخلاقيّات والتّشريعات، حتّى لا نفصل المقاصد عن الشّعائر، إذا كنت أصوم وأصلّي وأحجّ وأزكّي ومع ذلك أكذب!! كيف يسوغ ذلك؟ أكاذب وتصلّي؟! أمحتكر وتريد أن تزكّي؟! فإذاً رضوان الله منوط بأن تعمل الخير وتؤدّي ما لربّك عليك، وأن تؤدّي ما لخلق ربّك عليك أيضاً، فهل من اتّبع رضوان الله كم باء بسخط من الله؟! هل يستوي هذا وهذا؟ طبعاً لا؛ لأنّ من اتّبع رضوان الله سبحانه وتعالى فقد وفّقه الله سبحانه وتعالى في الدّنيا وكان مآله إلى جنّات النّعيم، أمّا من باء بغضب وسخط من الله فمأواه جهنّم وبئس المصير.
أَفَمَنِ: الهمزة للاستفهام الفاء استئنافية من اسم موصول في محل رفع مبتدأ
اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ: فعل ماض ومفعول به وفاعل مستتر ولفظ الجلالة مضاف إليه والجملة صلة الموصول
كَمَنْ: متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ
باءَ بِسَخَطٍ: فعل ماض تعلق به الجار والمجرور بعده والجملة صلة الموصول
مِنَ اللَّهِ: لفظ الجلالة مجرور ومتعلقان بمحذوف صفة سخط
وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ: مبتدأ مرفوع بالضمة المقدرة على الألف جهنم خبر والجملة في محل نصب حال
وَبِئْسَ الْمَصِيرُ: الواو عاطفة بئس فعل ماض لإنشاء الذم المصير فاعله والمخصص بالذم محذوف تقديره جهنم، والجملة معطوفة.
اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ: أي أطاع ولم يغل
كَمَنْ باءَ: رجع
بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ: أي بغضب عظيم، لمعصيته وغلوله.
وَبِئْسَ الْمَصِيرُ: المرجع هي