الآية رقم (75) - أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ

هذا الخطاب للنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وللمسلمين الّذين كانوا في المدينة المنوّرة وقت تنزّل هذه الآيات.

والطّمع: هو رغبة النّفس في شيء ليس من حقّها، وطمع المؤمنين بإيمان هؤلاء اليهود المجرمين ليس من حقّهم؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ   ]القصص: من الآية 56[،  فأنت لست مكلّفاً بحمل النّاس على الهداية، أنت مكلّف بالبيان فقط: ﴿فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (21) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ   ]الغاشية[، وكلّ الحركات الإجراميّة والإرهابيّة الّتي تقوم على إكراه النّاس على الإيمان قسراً هي حركات باطلة لا علاقة لها بصحيح الدّين، وأبداً لا يمكن أن يكون الإسلام بالإكراه، وليس ذلك من حقّ أحد؛ لأنّه لا إكراه في الدّين، لذلك ليس من حقّ أحد أن يكره غيره على الإيمان، وإنّما عليك أن تبلّغ رسالة الإيمان والإسلام، ويقول تعالى مخاطباً رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ﴿أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ]يونس: من الآية 99[. ويقول عن بني إسرائيل: ﴿وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، فانظر إلى عظمة الإسلام، وحسب مبدأ (صيانة الاحتمال): وهو أن لا نعمّم أمراً على الجميع، وأكثر أخطاءنا بسبب التّعميم، كأن يصعد الخطيب المنبر ويقول: لقد فسق النّاس، والنّاس كلّهم كاذبون، ويعمّم الحكم على جميع النّاس.

والله سبحانه وتعالى ينصف حتّى شعب بني إسرائيل فيقول: ﴿وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أي ليس كلّهم، والمطلوب من المسلم أن يعقل كلام الله سبحانه وتعالى، أن يستخدم العقل فيما يتعلّق بكلام الله جلَّ جلاله وديننا دين العلم بدأ بكلمة: (اقرأ)، والإسلام دين العلم: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ]محمّد: من الآية 19[، ونحن من علّم النّاس العلم، ونحن من خرج العلم من عندنا، ولا يجوز أن نقبل بوصم ديننا بالجهل، وديننا في كلّ آية منه يحثّنا على التّدبّر والتّفكّر والتّعلّم.

والّذين حرّفوه كانوا يعلمون أنّه حقّ من عند الله سبحانه وتعالى، قرؤوه وحاكموه بالعقل والمنطق فوجدوا أنّه صحيح ثمّ حرّفوه وهم يعلمون.

أَفَتَطْمَعُونَ: الهمزة للاستفهام الإنكاري، الفاء عاطفة، تطمعون فعل مضارع والواو فاعل.

أَنْ يُؤْمِنُوا: المصدر المؤول من الفعل والحرف المصدري في محل جر بحرف الجر المحذوف، التقدير في إيمانهم.

وقيل هي في محل نصب بنزع الخافض.

لَكُمْ: متعلقان بالفعل يؤمنوا.

وَقَدْ: الواو حالية، قد حرف تحقيق.

كانَ: فعل ماض ناقص.

فَرِيقٌ: اسمها.

مِنْهُمْ: متعلقان بصفة لفريق.

يَسْمَعُونَ: مضارع وفاعله والجملة خبر.

كَلامَ: مفعول به.

اللَّهِ: لفظ الجلالة مضاف إليه، وجملة كان فريق منهم حالية.

ثُمَّ: عاطفة.

يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ: متعلقان بالفعل.

ما عَقَلُوهُ: ما مصدرية مؤولة مع الفعل بعدها بمصدر في محل جر بالإضافة التقدير بعد عقلهم له، وجملة يحرفونه معطوفة.

وَهُمْ: الواو حالية، هم ضمير منفصل مبتدأ.

يَعْلَمُونَ: الجملة خبر المبتدأ، والجملة الاسمية في محل نصب حال.

أَفَتَطْمَعُونَ الهمزة للاستفهام الإنكاري.

فَرِيقٌ: طائفة من أحبارهم

كَلامَ اللَّهِ: التوراة

يُحَرِّفُونَهُ: يغيرونه ويبدلونه، أو يؤولونه بالباطل

عَقَلُوهُ: فهموه وعرفوه

وَهُمْ يَعْلَمُونَ: أنهم مفترون.

وَهُمْ يَعْلَمُونَ: تفيد الجملة الكمال في تقبيح صنيعهم، وهو تحريف التوراة عن قصد، لا عن جهل.