﴿أَرَأَيْتَ﴾: في هذه السّورة تحديداً يمكن أن تؤخَذ على حقيقتها؛ أي هل أبصرت يا محمّد مَن يكذّب بالدّين؟
قيل: سبب نزولها حادثةٌ فريدةٌ من أبي جهلٍ لـمّا ضرب اليتيم ودفعه، أو أبي سفيان، أو العاصّ بن وائل، والنّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قد يكون شهد هذه الحادثة.
الهمزة في: ﴿أَرَأَيْتَ﴾ همزةٌ استفهاميّةٌ، وهي من أساليب القرآن الكريم، يأتي الخبر بصورة استفهامٍ؛ لأنّ الحقّ سبحانه وتعالى يريد أن يُشرك الـمُخاطب في الحديث، فكأنّ الجواب ليس عن البشر، ولا بدّ أن يُخبر به؛ لأنّنا حين نسمع هذا السّؤال: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ﴾ ربّما نفهم أنّ الّذي يكذّب بالدّين هو الّذي لا يؤمن بالله سبحانه وتعالى ولا برسوله :، ولا يصلّي ولا يصوم ولا يحجّ ولا يزكّي، لكنّ الحقّ سبحانه وتعالى يريد أن يُخبرنا بأنّ التّكذيب بيوم الدّين ليس بالضّرورة التّكذيب بأصل الإيمان أو عدم الإيمان، إنّما الـمُكذّب قد يكون مؤمناً بالله سبحانه وتعالى لكنّه لا يسير على منهجه جلَّ جلاله ، ولا يفعل الأوامر ولا ينتهي عن النّواهي؛ لأنّ العمل والتّطبيق هو الـمِحكّ للإيمان، فالإيمان هو: “ما وقر في القلب وصدّقه العمل”([1])، كما قال الحسن البصريّ رضي الله عنه، فمن السّهل أن يعتقد الإنسان، لكن من الصّعب أن يعمل ويطبّق ويحمل نفسه على المنهج الّذي يعتقده.