(يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ): الدّين هو نور القيم الّتي تهدي النّاس في ظلمات الحياة، هم لا يستطيعون أن يطفئوا نور الله سبحانه وتعالى؛ لأنّ هناك فرقاً ما بين مصدر النّور وما بين أداة التّنوير، حتّى في الحياة الدّنيا عندما يريد الإنسان أن يطفئ النّور لا يستطيع أن يطفئ المنوّر، فهو يمكن أن يلقي حجراً على الزّجاجة فيقطع الكهرباء والضوء، ولكنّه لم يقطع المنوّر، فكيف بالله سبحانه وتعالى المنوّر الحقيقيّ، فإذاً هم لا يستطيعون أن يطفئوا نور الله سبحانه وتعالى بأفواههم ولا بأكاذيبهم ولا بخداعهم ولا بحيلهم، والله سبحانه وتعالى أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ والصّراط المستقيم الّذي يختم به سيرة الأنبياء جميعاً، فلذلك مهما تآمر اليهود والمشركون على النّبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم فإنّهم لن يستطيعوا أن يطفئوا نور الله جلّ جلاله ، فنور الهداية هو الصّراط المستقيم الّذي جاء به الأنبياء جميعاً.
(وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ): الله سبحانه وتعالى يأبى إلّا أن يتمّ هذا النّور وقد تمّ النّور، قال سبحانه وتعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) [المائدة: من الآية 3]، فتمّ النّور بمجيء الرّسول الأعظم بالقرآن الكريم، هذا الكتاب الّذي فيه شفاءٌ للصّدور، وسمّاه الله تعالى نوراً: (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ) [المائدة: من الآية 15]، وقال جلّ جلاله : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ) [الإسراء: من الآية 82]، فالكتب السّماويّة كلّها جاءت بالهدى والنّور، (إِنَّا أَنْـزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ) [المائدة: من الآية 44]، (وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ) [المائدة: من الآية 46]، هدايةٌ ونورٌ وهذا النّور هو نور القيم.