﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ﴾: هذا ليس تفرقة في القرآن الكريم بين الأبيض والأسود، وليس عنصريّة، فالبياض والسّواد في لون البشرة في الدّنيا ليس المقصود منه التّفاوت بين البشر وتفضيل بعضهم على بعض، بل هو أمر يتعلّق بغدد موجودة في الإنسان تلائم البيئة الّتي يعيش فيها، فسواد الأسود من أجل مصلحة الإنسان، أمّا السّواد والبياض في الآخرة فيتعلّقان بالإشراق النّورانيّ، وليس المقصود السّواد والبياض البيئيّ الموجود في الدّنيا.
﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾: عبارة: ﴿أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ لها معنيان صحيحان:
الأوّل: مَن اسودّت وجوههم كانوا مؤمنين ثمّ انقلبوا إلى الكفر بعد إيمانهم، كما حدث مع المرتدّين.
الثّاني: أنّ المقصود الفطرة السّليمة الّتي تكون على الإيمان والتي فُطِر النّاس عليها مصداقاً لقوله تبارك وتعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف]، ثمّ انحرف أصحابها عنها.
﴿فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾؛ لأنّكم سترتم وجود الله سبحانه وتعالى، وكفرتم بآياته، وخالفتم أوامره فلكم عذاب عظيم، يُقال لهم ذلك تقريعاً، وما أشدّ هذا على النّفس حين ترى العذاب فتعلم أنّ وسائل النّجاة كانت بيدها لكنّها فرّطت فيها، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ [الحجّ].