الآية رقم (106) - يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ

﴿يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ: هذا ليس تفرقة في القرآن الكريم بين الأبيض والأسود، وليس عنصريّة، فالبياض والسّواد في لون البشرة في الدّنيا ليس المقصود منه التّفاوت بين البشر وتفضيل بعضهم على بعض، بل هو أمر يتعلّق بغدد موجودة في الإنسان تلائم البيئة الّتي يعيش فيها، فسواد الأسود من أجل مصلحة الإنسان، أمّا السّواد والبياض في الآخرة فيتعلّقان بالإشراق النّورانيّ، وليس المقصود السّواد والبياض البيئيّ الموجود في الدّنيا.

﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ: عبارة: ﴿أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْلها معنيان صحيحان:

الأوّل: مَن اسودّت وجوههم كانوا مؤمنين ثمّ انقلبوا إلى الكفر بعد إيمانهم، كما حدث مع المرتدّين.

الثّاني: أنّ المقصود الفطرة السّليمة الّتي تكون على الإيمان والتي فُطِر النّاس عليها مصداقاً لقوله تبارك وتعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ [الأعراف]،  ثمّ انحرف أصحابها عنها.

﴿فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ؛ لأنّكم سترتم وجود الله سبحانه وتعالى، وكفرتم بآياته، وخالفتم أوامره فلكم عذاب عظيم، يُقال لهم ذلك تقريعاً، وما أشدّ هذا على النّفس حين ترى العذاب فتعلم أنّ وسائل النّجاة كانت بيدها لكنّها فرّطت فيها، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ[الحجّ].

يَوْمَ: ظرف زمان متعلق بفعل محذوف تقديره: اذكر وعلقه بعضهم بعظيم قبله

تَبْيَضُّ وُجُوهٌ: فعل مضارع وفاعله والجملة في محل جر بالإضافة «وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ» معطوفة عليها.

فَأَمَّا: الفاء للتفريع أما أداة شرط وتفصيل وتوكيد

الَّذِينَ: اسم موصول في محل رفع مبتدأ

اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ: فعل ماض وفاعل والجملة صلة الموصول

أَكَفَرْتُمْ: للهمزة للاستفهام كفرتم فعل ماض وفاعل

بَعْدَ: ظرف متعلق بكفرتم

إِيمانِكُمْ: مضاف إليه والجملة مقول قول محذوف تقديره: فيقال لهم وجملة القول المحذوفة في محل رفع خبر المبتدأ الذين وهي جواب الشرط أما

فَذُوقُوا: الفاء هي الفصيحة ذوقوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل

الْعَذابَ: مفعوله والجملة جواب شرط مقدر والتقدير: بما أنكم كفرتم فذوقوا، وجملة فأما الذين استئنافية.

بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ: الباء حرف جر ما مصدرية كنتم فعل ماض ناقص واسمها وجملة تكفرون خبرها والمصدر المؤول في محل جر بحرف الجر والجار والمجرور متعلقان بذوقوا

تَبْيَضُّ: تشرق وتسرّ.

وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ: تكتئب وتحزن،

وذلك: يوم القيامة.

بِالْحَقِّ: أي بالأمر الذي له ثبوت وتحقق ولا شبهة فيه.

ظُلْماً: الظّلم:وضع الشيء في غير موضعه، إما بالنّقص أو الزّيادة أو بالتعديل في وقته أو مكانه.