الآية رقم (16) - يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ

الله سبحانه وتعالى يهدي بالقرآن الكريم من اتّبع رضوانه سبل السّلام ويخرجهم من الظّلمات إلى النّور، فنور القيم يتعلّق بالسّلام الدّاخليّ، والسّلام الدّاخليّ لا يعيشه الإنسان وهو محاطٌ بالغمّ والمصائب والابتلاءات، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة]، فالإنسان يرى الأب والأمّ والأخ والجار والصّديق ويعرف أنّهم سيموتون، لذلك يعيش في همّ داخليّ، وعندما يصيبه المرض يعتقد أنّه سيموت ويُلقى تحت التّراب، فيشعر بالغمّ، فهو دائماً يعيش في همّ المرض وفي همّ الرّزق، وإن كان ذا سلطانٍ فإنّه يعيش في همّ بقاء السّلطان، فحياته كلّها تدور ضمن دائرة الابتلاءات، ولا يستطيع أحدٌ أن يقول: أنا لن أموت، أو: لن أمرض، يقول سبحانه وتعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ [البلد]، فكيف سيعيش الإنسان في حالة سلامٍ مع نفسه؟ وكيف سيعيش في نور المعرفة وفي نور القيم؟ والجواب: يجب عليه أن يعالج موضوع الهمّ من خلال القيم، فالقرآن الكريم قضى على الهمّ والغمّ، فمن يقول: إنّه مؤمنٌ بالله سبحانه وتعالى، عليه أن يأخذ بما علّمه سبحانه وتعالى حتّى يصل إلى الإيمان الحقيقيّ به جلَّ جلاله ويعلم أنّه لا يضرّ ولا ينفع، ولا يخفض ولا يرفع، ولا يصل ولا يقطع، ولا يحيي ولا يميت إلّا الله سبحانه وتعالى، ويعلم أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ولو أنّ الأمّة اجتمعت على أن ينفعوه بشيءٍ لن ينفعوه إلّا بشيءٍ قد كتبه الله سبحانه وتعالى له، ولو اجتمعت على أن يضرّوه بشيءٍ لن يضروه إلّا بشيءٍ قد كتبه الله سبحانه وتعالى عليه، إذاً الله تبارك وتعالى أعطانا النّور والهداية من خلال الكتاب الكريم، وإذا لم يستطع الإنسان التّغلّب على الهمّ فلن يستطيع أن يعيش في سلامٍ مع ذاته، ومن ثمّ لن يعيش في سلامٍ مع الآخرين، وسيكون شرّه أكثر من خيره للغير، ونحن نقول: إنّ دعوة الإسلام هي دعوة خيرٍ، والإيمان يغلب الهمّ ويجعل يقينك بالله وحده جلّ وعلا.

يَهْدِي بِهِ اللَّهُ: فعل مضارع ولفظ الجلالة فاعل

وبِهِ: متعلقان بالفعل

مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ: اسم الموصول في محل نصب مفعول به ورضوانه مفعول به أول والجملة بعده صلة الموصول

سُبُلَ: مفعول به ثان

السَّلامِ: مضاف إليه

(يَهْدِي): صفة كتاب

وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ: الجار والمجرور كلاهما متعلقان بيخرجهم

بِإِذْنِهِ: متعلقان بمحذوف حال.

وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ: الجملة معطوفة.

يَهْدِي بِهِ: أي بالكتاب

سُبُلَ السَّلامِ: طرق السلامة

الظُّلُماتِ: الكفر

النُّورِ: الإيمان

بِإِذْنِهِ: بإرادته

صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ: دين الإسلام.