الآية رقم (12) - يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ

فلا بدّ أن يأتي توثيقهم للأعمال وتسجيلهم لها صورةً طبق الأصل عن الواقع، فبعد هذا التّسجيل يأتي حسابٌ وجزاءٌ وثوابٌ وعقابٌ، والله سبحانه وتعالى  لا يظلم العباد مثقال ذرّةٍ، قال سبحانه وتعالى: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ [الزّلزلة]، لذلك أوكل الحقّ سبحانه وتعالى أمر كتابة الأعمال إلى ملائكته، ولا يُتصوّر في حقّهم الخطأ أو النّسيان، ولا يطرأ عليهم سهوٌ ولا غفلةٌ، إذاً هذه الصّفات الأربع للكتبة: حافظون في ذواتهم، ويصحّ أنّهم حافظون لما يكتبون من الأعمال، وأنّهم كرامٌ، والكريم من شأنه أن يسير بالخير ويتأذّى من الشّرّ، فطبيعتهم تتناسب والمهمّة الّتي كُلّفوا بها، فحين يرون عمل الخير يسارعون إلى كتابته؛ لأنّهم يحبّون هذا، وحين يرون عمل الشّرّ يُسارعون إلى كتابته؛ لأنّهم متألِّمون وكارهون لهذا الفعل، وهناك فرقٌ بين المهمّة وبين الاستعداد الذّاتيّ لهؤلاء الملائكة، فهم لهم مهمّةٌ محدودةٌ وعندهم استعدادٌ للقيام بها على أكمل وجهٍ، ثمّ لنتأمّل الدّقّة والتّأكيد في كاتبين، فلم يكتفِ بأنّهم حافظون وكرامٌ في ذواتهم، بل زاد على ذلك بأنّهم كاتبون لا يكتفون بالحفظ، بل يؤكّدون حفظهم بالتّسجيل والكتابة، فالحفظ سيكون شهادةً منهم، لكنّ الكتابة ستكون حُجّةً على صاحبها يوم تُنشَر هذه الكتب كما قال سبحانه وتعالى: ﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ [الإسراء]

يَعْلَمُونَ: مضارع وفاعله

ما: مفعول به والجملة حال

تَفْعَلُونَ: مضارع وفاعله والجملة صلة

يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ: يعلمون جميع الأفعال