الآية رقم (187) - يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ

﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ﴾: هناك خمس عشرة آية وردت فيها أسئلةٌ للنّبيّ : جاءت كلّها بصيغة المضارع؛ أي أنّ السّؤال يحدث الآن: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَج﴾ ]البقرة: من الآية 189[، ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ ۖ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ﴾ ]البقرة: من الآية 215[، ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ ۖ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِير﴾ ]البقرة: من الآية 217[، ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾ ]البقرة: من الآية 219[، ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ ۖ قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ﴾]البقرة: من الآية 220[، ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى﴾]البقرة: من الآية 222[، ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ ۖ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ﴾]المائدة: من الآية 4[، ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي﴾]الأعراف: من الآية 187[، ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ۖ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ﴾]الأنفال: من الآية 1[، ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّ﴾ ]الإسراء: من الآية 85[، ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا﴾  ]الكهف[، كلّها جاء بعدها: ﴿قُلْ﴾، لكن في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ﴾ يوجد فيها (فاء)؛ أي أنّهم لم يسألوا بعد وإنّما سيسألون عن الجبال، أمّا بقيّة الأسئلة فقد سألوا، فجاء بعدها: ﴿قُلْ﴾ يا محمّد، باستثناء سؤالٍ واحدٍ وهو قوله سبحانه وتعالى : ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ ]البقرة: من الآية 186[، لم يأتِ بصيغة المضارع ولم يأتِ معه (قل) فحذف الله سبحانه وتعالى  كلمة (قل)؛ لأنّه بوجودها يصبح هناك حاجزٌ، بل قال مباشرةً: ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ حتّى نشعر بقرب المسافات بيننا وبين ربّ الأرض والسّماوات جلّ وعلا.

﴿يَسْأَلُونَكَ﴾: هنا يسألونك كبقيّة الأسئلة، فمن الّذي سأل؟ اليهود سألوا عن ثلاث قضايا؛ سألوا عن ذي القرنين وعن السّاعة وعن المدّة الّتي مكث فيها فتية الكهف.

﴿عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا﴾: مرساها؛ أي ترسو، متى إثباتها ووقوعها؟

﴿قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي﴾: والإجابة لليهود وللعالم أجمع بأنّ السّاعة والوقت الّذي ستنتهي فيه حياة الكائنات كلّها علمها عند ربّي.

﴿لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ﴾: أي لا يظهرها لوقتها إلّا الله سبحانه وتعالى.

﴿ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾: ثقلت؛ أي واقعها فوق احتمال السّماوات وأهل السّماوات وهم الملائكة، ولا يعرفون شيئاً عنها، وكذلك أهل الأرض.

﴿لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً﴾: لن تأتي السّاعة إلّا بشكلٍ مُفاجئ.

﴿إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى﴾: حفيٌّ؛ أي دائم السّؤال عنها.

يَسْئَلُونَكَ: مضارع مرفوع بثبوت النون تعلق به الجار والمجرور «عَنِ السَّاعَةِ» والواو فاعله والكاف مفعوله، والجملة مستأنفة.

أَيَّانَ: اسم استفهام في محل نصب على الظرفية الزمانية متعلق بمحذوف خبر «مُرْساها» مبتدأ والهاء مضاف إليه، والجملة الاسمية بدل من الساعة.

قُلْ: الجملة مستأنفة.

إِنَّما: كافة ومكفوفة.

عِلْمُها: مبتدأ والهاء في محل جر بالإضافة.

عِنْدَ: ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر.

رَبِّي: مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم، والياء ضمير متصل في محل جر بالإضافة والجملة مقول القول.

لا: نافية

يُجَلِّيها: فعل مضارع تعلق به الجار والمجرور «لِوَقْتِها» والهاء مفعوله.

إِلَّا هُوَ: إلا أداة حصر هو فاعل. والجملة في محل نصب حال.

وجملة «ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» مستأنفة.

لا تَأْتِيكُمْ: فعل مضارع فاعله مستتر والكاف مفعوله ولا نافية.

إِلَّا: أداة حصر.

بَغْتَةً: حال، والجملة مستأنفة

«يَسْئَلُونَكَ» الجملة مستأنفة.

كَأَنَّكَ: كأن والكاف اسمها.

حَفِيٌّ عَنْها: خبرها تعلق به الجار والمجرور عنها بها «إِنَّما» والجملة في محل نصب حال.

قُلْ: أمر فاعله مستتر.

إِنَّما: كافة ومكفوفة

عِلْمُها: مبتدأ

عِنْدَ اللَّهِ: ظرف مكان ولفظ الجلالة مضاف إليه.

لكِنَّ أَكْثَرَ: لكن واسمها وجملة يعلمون خبرها

النَّاسِ: مضاف إليه

لا يَعْلَمُونَ: مضارع وفاعله ولا نافية.

يَسْئَلُونَكَ: أي أهل مكّة.

عَنِ السَّاعَةِ: القيامة، وهو الوقت الذي ينتهي فيه العالم ويموت أهل الأرض جميعاً عند النفخة الأولى للصوّر. وهذا اصطلاح شرعي، ويستعمل عادة بأل، فإذا ذكر بدون «أل» في القرآن فمعناه الساعة الزّمانية، وهو لغة: جزء قليل غير معيّن من الزّمن. وعند الفلكيين: جزء من أربع وعشرين جزءا متساوية من اليوم.

أَيَّانَ مُرْساها: متى زمن إرسائها واستقرارها وحصولها، ومنه: إرساء السّفينة أي إيقافها بالمرساة التي تلقى في البحر، فتمنعها من الجريان.

لا يُجَلِّيها: لا يظهرها ولا يكشفها.

لِوَقْتِها: اللام بمعني في، أي في وقتها، كما يقال:كتبت هذا لغرّة المحرّم أي في غرّته.

ثَقُلَتْ: عظمت.

بَغْتَةً: فجأة على غفلة، من غير توقّع ولا انتظار، كما قال عليه الصّلاة والسّلام فيما ذكر قتادة: «إنّ الساعة تهيج بالناس، والرّجل يصلح حوضه، والرّجل يسقي ماشيته، والرّجل يقيم سلعته في السّوق، ويخفض ميزانه ويرفعه» .

حَفِيٌّ عَنْها :عالم بها أو مبالغ في السؤال عنها، من حفي عن الشيء: إذا سأل عنه، فإن من بالغ في السؤال عن الشيء والبحث عنه، استحكم علمه به، ولذلك عدي بعن. والحفيّ:المستقصي في السؤال عن الشيء المعتني بأمره، قال الأعشى:فإن تسألي عنّي، فيا ربّ سائل … حفيّ عن الأعشى به حيث أصعدا والإحفاء: الاستقصاء، ومنه: إحفاء الشّارب. وحفي عن الشيء: إذا بحث للتعرّف عن حاله