نحن نزّلنا القرآن مصدّقاً لما معكم؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى واحدٌ، قال سبحانه وتعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ ]الشّورى: من الآية 13[.
﴿آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا﴾: آمنوا بما نزّلنا في القرآن الكريم، مصدّقاً لما معكم.
﴿مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَاً﴾: هنا وعيدٌ وتهديدٌ، نمحي هذه الوجوه فنردّها على أدبارها فتصبح مقلوبةً.
﴿أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ﴾: من هم أصحاب السّبت؟ هم من اليهود -وستأتي آيات تتعلّق بأصحاب السّبت- وقد منعهم الله سبحانه وتعالى من العمل في هذا اليوم، أي يوم السّبت، ليبتليهم بسبب كثرة جحودهم، فكانت حيتانهم تأتي شرّعاً يوم سبتهم من أجل أن يغريهم الله سبحانه وتعالى في يوم راحتهم، فأرادوا أن يحتالوا على شرع الله سبحانه وتعالى فوضعوا أسلاكاً لتحجزَ الأسماك الّتي تأتي يوم السّبت، وفي اليوم التّالي تكون موجودةً فيصطادونها، هذا احتيالٌ على شرع الله سبحانه وتعالى، وكان من الأفضل لهم لو أنّهم التزموا أوامر الله سبحانه وتعالى وصبروا عليها، ولم يصطادوا يوم السّبت لكان الله عزَّ وجلرزقهم يوم الأحد، لكنّهم كانوا بقيّة أيّام الأسبوع لا تأتيهم الأسماك ابتلاءً لهم.
﴿وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً﴾: الله سبحانه وتعالى وحده أمره مفعولٌ، وهو الفعّال لما يريد بمجرد أن أمرَ، يقول سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس]، إذاً أمره مفعولٌ ومنتهٍ؛ لأنّه سبحانه وتعالى لا يتغيّر، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشّورى: من الآية 11].