الآية رقم (29) - يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا

الآيات السّابقة تكلّمت عن النّفس البشريّة، وحقوق المرأة، والميراث، وعن الأيتام وحقوقهم، والضّعف الّذي يعتري الإنسان، والتّخفيف الّذي جاء من الله سبحانه وتعالى مناسباً له، ثمّ يأتي الكلام عن الأموال والدّماء.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ﴾: دائماً يأتي بعدها تكليف، فهي ليست إخبار وإنّما تكليف، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: من الآية 183]، ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ﴾ [البقرة: من الآية 216]، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ﴾ [الحجرات: من الآية 11]، فدائماً بعد ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ انتظر تكليفاً، لمن هذا التّكليف الإيمانيّ؟ لمن آمن بالله سبحانه وتعالى بأنّه حكيمٌ وعليمٌ؛ خالقٌ؛ قادرٌ؛ خلق الإنسانَ، ويعلم ما يناسبه في هذه الحياة، وفي الحياة الآخرة الدّائمة، وبعد كلّ ما ورد عن النّفس البشريّة وعن الميراث والأعراض والنّساء يبيّن المولى عزَّ وجل أمراً مهمّاً وهو من مقاصد الشّريعة الإسلاميّة؛ ألا وهو حفظ الأموال والدّماء.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا: سبق إعرابها

لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ: فعل مضارع مجزوم بلا الناهية والواو فاعل وأموالكم مفعول به

بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ: الظرف متعلق بالفعل قبله وكذلك الجار والمجرور

إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً: فعل مضارع ناقص وخبرها، واسمها ضمير مستتر أي: إلا أن تكون التجارة تجارة، والمصدر المؤول في محل نصب على الاستثناء

عَنْ تَراضٍ: متعلقان بمحذوف صفة لتجارة

مِنْكُمْ: متعلقان بتراض

وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ: الجملة معطوفة على لا تأكلوا أموالكم وهي مثلها

إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً: إن واسمها وكان وخبرها الذي تعلق به الجار والمجرور قبله واسمها محذوف والجملة خبر إن وجملة «أَنْ» تعليلية لا محل لها.

لا تَأْكُلُوا: أي لا تأخذوا، وعبّر عن الأخذ بالأكل لأنه المقصود المهم.

بِالْباطِلِ: بالحرام في الشرع كالرّبا والقمار والغصب.

إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ: أي لكن أن تكون الأموال أموال تجارة صادرة عن طيب نفس، فلكم أن تأكلوها.

وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ: أي لا يقتل بعضكم بعضًا، أو لا تقتلوا أنفسكم بارتكاب ما يؤدي إلى هلاكها، أيّا كان في الدّنيا أو في الآخرة بقرينة.

إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً: في منعه لكم من ذلك.