(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ): الجهاد: هو بذل الجهد، يطلب المولى سبحانه وتعالى من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يجاهد الكفّار والمنافقين ومن اتّبعوهم من أئمّة الكفر والفساد في مجتمع المدينة في ذلك الوقت؛ أي اصمد أمامهم في معاركهم الّتي يشنّونها عليك.
(الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ): المنافق عدوٌّ صعبٌ؛ لأنّه يغشّنا فلا نأمنه، ومع أنّ النّفاق بحدّ ذاته بالنّسبة لمنهج الله سبحانه وتعالى هو دليل قوّة هذا المنهج؛ لأنّ هذا المنافق ينافق؛ لأنّه يظهر بأنّه أضعف من القويّ، فالمؤمنون بعد الهجرة إلى المدينة أصبحوا بحالةٍ من القوّة، بينما المنافقون إيمانهم زائفٌ ومغشوشٌ. وعندما يؤمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأن يجاهد الكفّار والمنافقين؛ أي بالبرهان والإقناع والحُجّة، حيث يقتنع العقلاء بالمنطق، وإن حاول أحدهم أن يعتدي فيُردّ العدوان، وإن فشل جهاد الحُجّة فالله سبحانه وتعالى يقول:
(وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ): يغلظ عليهم لإيضاح المصير الّذي ينتظرهم، فكلّ كافرٍ هو عابدٌ للدّنيا يخاف أن تضيع منه، فاغلظ عليهم؛ أي أنذرهم بالعذاب الّذي ينتظرهم، فالعقوبة تحمي المجتمعات من انتشار الجرائم فيها، فكلّ مجتمعٍ لا بدّ أن تكون فيه عقوباتٌ وأن تسنّ قوانين تردع المجرمين، وهذا أمرٌ طبيعيٌّ.