﴿وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا﴾: كلمة يوم: ظرف زمانٍ، يأتي بعدها الحدث الّذي سيحدث في ذلك اليوم، ولكنّنا نجد أنّ الحدث عبّر عنه المولى تعالى بالنّداء: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ﴾.
﴿يَحْشُرُهُمْ﴾: الحشر: هو الجمع، ففي هذا اليوم الحدث هو ذلك النّداء: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ ۖ﴾، المعشر: هم جماعةٌ مختلطةٌ تتعايش بعضها مع بعضٍ، فيُقال: معشر العلماء، معشر الأطبّاء.. جماعةٌ تختلط بتعايشٍ مع بعضها، هنا المولى سبحانه وتعالى في يوم الحشر أتى بالنّداء قائلاً: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ ۖ﴾، قد حاولتم أن تستكثروا وأن تضمّوا إليكم بالغواية والوساوس والاستمالة كثيراً من الإنس.
﴿وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ﴾: المولى سبحانه وتعالى أسمعنا جواب أوليائهم من الإنس.
والأولياء هنا: الإنس الّذين تولّوا شياطين الجنّ وساروا على نهجهم وغوايتهم، سمعنا إجابتهم، لكنّ الإجابة كانت من الجنّ في آياتٍ وسورٍ أخرى حيث قال الشّيطان لـمّا قضي الأمر: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [إبراهيم]، إلى ما هنالك من آياتٍ أورد الله سبحانه وتعالى فيها جواب الشّيطان في ذلك الوقت.