﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا﴾: الحشر هو الجمع، وهو أخذ النّاس من أمكنةٍ متعدّدةٍ إلى مكانٍ واحدٍ، فيزدحم، وقوله سبحانه وتعالى: تُفيد الجمع، هذا يؤكّد أنّ جميع الّذين لم يستجيبوا لمنهج الله سبحانه وتعالى ﴿جَمِيعًا﴾ ولا لدعوته عز وجل إلى دار السّلام، وكذّبوا الرّسل، واتّخذوا من دونه جل جلاله أنداداً، فسيجمعهم الله سبحانه وتعالى ويواجههم لتكون الفضيحة عامّةً بين عابدٍ عبد باطلاً ومعبودٍ مثل الصّنم لا يطلب من عابده أن يعبده أو معبودٍ طلب من عابده أن يعبده.
﴿ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ﴾: المعبودون متعدّدون، وكلّ معبودٍ من هؤلاء له حكمٌ في ذلك الحشر، وستكون المواجهة مكشوفةً، فيحشر الله سبحانه وتعالى من عبد الأصنام والكواكب وشياطين الجنّ والإنس… جميعهم سيحشرون في هذا الموقف العظيم، وستتكشّف الأمور ويُفضح فيها كلّ إنسانٍ أشرك مع الله سبحانه وتعالى.
﴿مَكَانَكُمْ﴾: حين تسمع الأمر: مكانك، فهذا يعني الزم مكانك، لا تُقال للتّحيّة، بل تحمل التّهديد والوعيد وانتظار نتيجة موقفٍ لن يكون في صالح من تُقال له، ونحن نعرف أنّ الملائكة والرّسل والكواكب والحجارة ليس لهم علمٌ بأمر هؤلاء الّذين عبدوهم.
﴿فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ﴾: من قولهم: زِلْت الشّيء أزَلْتهُ، إذا فرّقت بينه وبين غيره وأبنته منه؛ أي جعل من المشركين فريقاً، ومن الّذين عُبِدوا دون علمهم فريقاً آخر.
﴿وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ﴾: الأصنام والحجارة والرّسل والملائكة قالوا: ما كنتم إيّانا تعبدون؛ أي أنّكم لم تعبدوننا بعلمنا ولا بأمرٍ منّا، وهذا موقفٌ مخزٍ لمن عبدوا غير الله سبحانه وتعالى أو أشركوا به، فهذا المعبود لا يدري مع أنّ الأصل بالعبادة هو التزام العابد بأمر المعبود.