الآية رقم (28) - وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ

﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا﴾: الحشر هو الجمع، وهو أخذ النّاس من أمكنةٍ متعدّدةٍ إلى مكانٍ واحدٍ، فيزدحم، وقوله سبحانه وتعالى: تُفيد الجمع، هذا يؤكّد أنّ جميع الّذين لم يستجيبوا لمنهج الله سبحانه وتعالى ﴿جَمِيعًا﴾ ولا لدعوته عز وجل إلى دار السّلام، وكذّبوا الرّسل، واتّخذوا من دونه جل جلاله أنداداً، فسيجمعهم الله سبحانه وتعالى ويواجههم لتكون الفضيحة عامّةً بين عابدٍ عبد باطلاً ومعبودٍ مثل الصّنم لا يطلب من عابده أن يعبده أو معبودٍ طلب من عابده أن يعبده.

﴿ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ﴾: المعبودون متعدّدون، وكلّ معبودٍ من هؤلاء له حكمٌ في ذلك الحشر، وستكون المواجهة مكشوفةً، فيحشر الله سبحانه وتعالى من عبد الأصنام والكواكب وشياطين الجنّ والإنس… جميعهم سيحشرون في هذا الموقف العظيم، وستتكشّف الأمور ويُفضح فيها كلّ إنسانٍ أشرك مع الله سبحانه وتعالى.

﴿مَكَانَكُمْ﴾: حين تسمع الأمر: مكانك، فهذا يعني الزم مكانك، لا تُقال للتّحيّة، بل تحمل التّهديد والوعيد وانتظار نتيجة موقفٍ لن يكون في صالح من تُقال له، ونحن نعرف أنّ الملائكة والرّسل والكواكب والحجارة ليس لهم علمٌ بأمر هؤلاء الّذين عبدوهم.

﴿فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ﴾: من قولهم: زِلْت الشّيء أزَلْتهُ، إذا فرّقت بينه وبين غيره وأبنته منه؛ أي جعل من المشركين فريقاً، ومن الّذين عُبِدوا دون علمهم فريقاً آخر.

﴿وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ﴾: الأصنام والحجارة والرّسل والملائكة قالوا: ما كنتم إيّانا تعبدون؛ أي أنّكم لم تعبدوننا بعلمنا ولا بأمرٍ منّا، وهذا موقفٌ مخزٍ لمن عبدوا غير الله سبحانه وتعالى  أو أشركوا به، فهذا المعبود لا يدري مع أنّ الأصل بالعبادة هو التزام العابد بأمر المعبود.

«وَيَوْمَ»: الواو استئنافية ويوم ظرف زمان متعلق بفعل محذوف.

«نَحْشُرُهُمْ»: مضارع ومفعوله والفاعل مستتر والجملة مضاف إليه.

«جَمِيعاً»: حال.

«ثُمَّ»: عاطفة.

«نَقُولُ»: مضارع فاعله مستتر والجملة معطوفة.

«لِلَّذِينَ»: اسم موصول مجرور باللام ومتعلقان بنقول.

«أَشْرَكُوا»: ماض وفاعله والجملة صلة.

«مَكانَكُمْ»: اسم فعل أمر.

«أَنْتُمْ»: توكيد للضمير المستتر في مكانكم.

«وَشُرَكاؤُكُمْ»: معطوفة على أنتم.

«فَزَيَّلْنا»: الفاء استئنافية وماض وفاعله والجملة مستأنفة.

«بَيْنَهُمْ»: ظرف زمان متعلق بزيلنا والهاء مضاف إليه.

«وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ»: الواو عاطفة وماض وفاعله والهاء مضاف إليه والجملة معطوفة.

«ما»: نافية.

«كُنْتُمْ»: كان واسمها والجملة مقول القول.

«إِيَّانا»: مفعول به مقدم لتعبدون.

«تَعْبُدُونَ»: مضارع مرفوع بثبوت النون والواو فاعل والجملة خبر.

نَحْشُرُهُمْ: أي الخلق وهم فريقا المحسنين والمسيئين المذكورين في الآية السابقة.

والحشر: الجمع من كل جانب إلى موقف واحد.

مَكانَكُمْ: أي الزموا مكانكم حتى تنظروا ما يفعل بكم، وقد سد مسد قوله: «الزموا» ويراد بذلك التهديد والوعيد.

وَشُرَكاؤُكُمْ: أي الأصنام.

فَزَيَّلْنا: فرقنا وميزنا وقطعنا ما بينهم من صلات.

وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ: مجاز عن براءة ما عبدوه من عبادتهم، فإنهم إنما عبدوا في الحقيقة أهواءهم الآمرة بالإشراك إِنْ كُنَّا أي تقول الملائكة والمسيح ومن عبدوه من دونه من أولي العقل، وقيل: الأصنام ينطقها الله عز وجل، فتشافههم بذلك، مكان الشفاعة التي زعموها لهم، وعلقوا بها أطماعهم بقولهم: ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى [الزمر 39/ 3] وَيَقُولُونَ: هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللَّهِ [يونس 10/ 18] .