﴿الْمَاعُونَ﴾: كلّ ما يُستعان ويُنتفع به كالإبرة والفأس والقِدر والقصعة وغيرها من لوازم البيت الّتي تُستعار؛ لأنّها لا تتوفّر في البيوت كلّها، ولا يقتنيها الفقراء، وتأخذ أيضاً معنى معونة الخير للغير بشكلٍ عامٍّ.
هذه صفةٌ مادّيّةٌ أخرى لهؤلاء ترتبط بالّذي يدعّ اليتيم، وتجربة الإنسان في الأمور المادّيّة في الحياة هي تجربةٌ تتعلّق بحقيقة المنهج الإسلاميّ، والنّفس بطبعها مُحبّةٌ للمال حريصةٌ على جمعه، فإن هانت عليك أموالك أمام مطلوب الله سبحانه وتعالى منك فاعلم أنّك على المنهج الصّحيح، وإن كنت على خلاف ذلك فلتُراجع نفسك.
إذا نظرنا إلى هذه السّورة وجدناها تتضمّن أصولاً اقتصاديّةً بها قوام الحياة، وتتضمّن أيضاً أصلاً وجدانيّاً، وهو يتمثّل في حقيقة الصّلاة والقُرب من الله سبحانه وتعالى، وإذا استقام هذان الأمران استقام حال المجتمع، وإذا صلُحا صلُح بهما المجتمع؛ لأنّ الجميع يستشعر أنّ ربوبيّته لإلهٍ واحدٍ، وهنا تتضّح لنا العلاقة بين سورة (الماعون) وسورة (قريش) الّتي آخرها: ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ [قريش]، فيتبيّن لنا بأنّ حقيقة الأمر وحقيقة الدّين تتعلّق بنقل الخير للغير.