﴿وَيَا آدَمُ﴾: الخطاب الآن لآدم عليه السَّلام بعد أن كان الخطاب مع إبليس -لعنه الله-.
﴿اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾: آدم وحواء خُلقا للأرض، والتّصورات الّتي تأتي من كتب الإسرائيليّات أنّهما خُلقا ليعيشا في الجنّة غير صحيحةٍ، نحن نأخذ من كتاب الله سبحانه وتعالى ومن سنّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقط، ولا نعتمد على الإسرائيليّات أو القصص الخياليّة الّتي وردت حول قصّة آدم وحواء وأكل التّفاحة، وأنّ المعصية تتحمّل مسؤوليتها حوّاء، فهذا الكلام كلّه غير صحيحٍ، والصّحيح ما قاله الله سبحانه وتعالى: ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِين﴾
والجنّة لا يوجد فيها أوامر ولا نواهٍ، فهي ثوابٌ للإنسان على عمله، وجنّات الخلد الّتي وصفها الله سبحانه وتعالى لا يدخلها الإنسان إلّا بالخلود، ولكن كيف دخل إبليس إلى الجنّة؟ كما قلنا: بأنّ الله سبحانه وتعالى نصّ بشكلٍ صريحٍ على أنّ: ﴿إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾
[الكهف: من الآية 50]، وكيف خرج آدم وحواء من الجنّة؟ نبحث أوّلاً عن تفسير كلمة الجنّة في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾، عندما تطلق كلمة جنّةٍ نتصوّر جنّات الخلد الّتي أعدّها الله سبحانه وتعالى للمؤمنين وللطّائعين، الله سبحانه وتعالى سمّاها جنّةً، فأصبحنا عندما نقول: كلمة الجنّة، يذهب الذّهن إلى الجنّة الّتي هي جنّة الخلد في الآخرة، لكن إذا مرّت بنا قرينةٌ تدلّ على أنّ المقصود هو المعنى اللّغويّ، أي السّتر، فنقول: بأنّ هذه ليست جنّات الخلد، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا (32) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا ۚ وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا﴾