﴿وَهَذَا﴾: اسم إشارةٍ إلى القرآن الكريم.
﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ﴾: الهمزة للتّعدّي، أي من اللّوح المحفوظ إلى السّماء الدّنيا، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر]، فعندما يتحدّث المولى جلّ وعلا عن إنزال القرآن الكريم، ويكون بالهمزة، فالمقصود إنزاله من اللّوح المحفوظ إلى السّماء الدّنيا.
﴿مُبَارَكٌ﴾: هناك صفاتٌ متعدّدةٌ وردت لكتاب الله تبارك وتعالى، وأكثر الصّفات هي: ﴿مُبَارَكٌ﴾، قال سبحانه وتعالى: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ [ص]، وفي هذه الآية قال سبحانه وتعالى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ﴾، ولتفسير كلمة: ﴿مُبَارَكٌ﴾ نضرب هذا المثال: إن جئت بطعامٍ يكفي شخصين، فجاء خمسة أشخاصٍ، فتُصاب بالدّهشة عندما تعلم أنّ هذه الكميّة القليلة الّتي لا تكفي إلّا لشخصين قد أطعمت الخمسة، فإذاً حجم العطاء أكبر من حجم البناء، والمقصود بأنّ القرآن الكريم مباركٌ، صحيحٌ بأنّه كتابٌ، لكنّ عطاءه لا ينفد، بل ممتدٌّ عبر الزّمن وعبر القرون، فلو أنّ عطاء القرآن الكريم أُفرغ في وقت النّزول لكان القرآن الكريم قد عطّل بعد قرنٍ، وأصبحت تقرأ كتاباً من الماضي، ولكنّ القرآن الكريم مُباركٌ، أي أنّ عطاءه مستمرٌّ بما اكتُنز فيه إلى يوم القيامة، فكلّما تطوّر العقل البشريّ استمدّ من كتاب الله سبحانه وتعالى ما يوافق هذا التّطوّر في كلّ مكانٍ وزمانٍ، لذلك قال النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن القرآن الكريم: «هو الّذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يَخْلَقُ على كثرة الرَّدّ، ولا تنقضي عجائبه…»([1]).