﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا﴾: لا يوجد أحدٌ أظلم ممّن افترى على الله سبحانه وتعالى كذباً، كيف يفتري الإنسان على الله عزَّ وجلّ الكذب؟ الجواب: يوجد طريقان، الطّريق الأوّل: هناك من ادّعى بأنّه نبيٌّ، وأنّه قد أوحي إليه فكذب على الله سبحانه وتعالى، والطّريق الثّاني: الإنسان الّذي يقول بالقرآن بالكذب.
﴿وَلَوْ تَرَى﴾: لو: شرطيّة، نجد هنا (لو) الشّرطيّة لا جواب لها، والجواب يُترَك للسّامع؛ لأنّ الجواب لا حصر له وقت غمرات الموت، وهي الشّدّة الّتي لا يستطيع الإنسان منها خلاصاً، قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا إله إلّا الله، إنّ للموت سكرات»([1]).
﴿إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ﴾: غمرات: سكرات وشدّة الموت.
﴿وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ﴾: باسطوا أيديهم، هذا التّمثيل لإخراج الرّوح، والله سبحانه وتعالى يبيّن أنّ الملائكة عندما يخرجون الرّوح يكونون باسطي الأيدي.
﴿أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ﴾: أي أخرجوا أنفسكم من العذاب إن كنتم تستطيعون إلى ذلك سبيلاً، وقال بعض المفسّرين: إنّه عندما تأتي ملائكة الموت إلى الظّالمين فإنّ الرّوح تتوزّع في كلّ أجزاء الجسد، وأثناء الخروج تحاول ألّا تخرج، فتكون أكثر شدّةً من خروج الرّوح بالنّسبة للإنسان المؤمن.
﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ﴾: العذاب المهين الأليم.
﴿بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ﴾: ومن هؤلاء النّاس من يدّعي بأنّه نزل عليه قرآنٌ، كمسيلمة الكذّاب وسجاح وطليحة و…، ومنهم من يحرّم الحلال ويحلّل الحرام ويبتدع من عنده ما يريد، ويفسّر القرآن الكريم كما يحلو له، كما فعل الإرهابيّون والمتطرّفون والقتلة والمجرمون عندما أخذوا وبتروا آيات القرآن الكريم، وقالوا ما لا يعلمون، ونسبوا الأمر إلى الله سبحانه وتعالى.
والله سبحانه وتعالى أمر أوامر ونهى عن نواهي، وحدّ حدوداً في كتابه الكريم، وكلّف النّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالتّشريع فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا﴾ [الحشر: من الآية 7]، فكلّ الأوامر وكلّ ما يتعلّق بالعقيدة والشّريعة والأخلاق الّتي وردت في كتاب الله سبحانه وتعالى، والقصص القرآنيّ هي مُلزمةٌ للإنسان المسلم، ولا يمكن أن يأخذ ما يحلو له ويترك ما لا يحلو له، فيجزّئ الأمر.
﴿وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾: أي يقولون: لا أريد الدّين، ولا الإسلام، ويتأبّى على كلّ الأوامر الإلهيّة، فهؤلاء يجزون عذاب الهون.